ما الذي لم يُكتب بعدُ عن سوريا منذ اندلاع
ثورتها وتحوّلها الى كفاح مسلّح ثم الى حرب شاملة والى تدخّلات خارجية واحتلالات
وتقسيم ترابي؟ وما الذي لم يُوثّق بعدُ عن العنف وآلياته وعن نظام الأسد الذي هندس
ونفّذ بدعم راعيَيه الروسي والإيراني عمليات إعدام جماعي لمئات آلاف السوريّين بعد
قصف وحصار وتجويع وتهجير واستخدام براميل وسلاح كيماوي وتعذيب؟ وما الذي لم يُقل
عن أسباب صعود داعش والقوى الجهادية أو عن الاقتصاد وانهياره أو عن اللاجئين أو عن
محاولات التطبيع السياسي والاقتصادي مع الأمر الواقع والقائمين عليه؟
تخطر هذه الأسئلة وغيرها قبل الاطّلاع على كتاب الأكاديمية الفرنسية ليلى فينيال، أستاذة الجغرافيا في جامعة رين ثم في المعهد العالي للتعليم في باريس. ذلك أن فينيال، التي تشتغل بحثياً على سوريا منذ نهاية تسعينات القرن الماضي، اختصّت بعد العام 2011 في رصد التحوّلات الديموغرافية والعمرانية في سوريا وفي مجتمعات اللجوء السوري (لا سيّما في لبنان والأردن ومصر)، وفي تحليل عمليات التدمير الممنهج لبعض المدن وضواحيها وأريافها وما مثّلته أو كرَسته من سياسات ومن مخطّطات على صلة بالاقتصاد وبالنسيج الاجتماعي السوري.