Saturday, September 26, 2020

انفجار بيروت بوصفِه احتضار بلدٍ نهشته سلطاته وماتت فلسفة حُكمه

ليس بلا دلالات أن يتزامن انفجار بيروت مع انهيار لبنان الاقتصادي وتصدّع مجتمعه وانحدار حكّامه الى قعر غير مسبوق في تاريخه.

فالانفجار الناجم عن سنين من الفساد والإهمال والبحث عن صفقات أو عن توظيف عسكري لمادة نترات الأمونيوم المخزّنة في عنبر في مرفأ بيروت، في قلب العاصمة اللبنانية، بدا مآل ما تُفرزه إدارة طبقة سياسية ميليشياوية للشأن العام في بلد جرى تناهبه من داخل النظام الطائفي وشبكاته، على نحو أدّى الى تهتّك مؤسساته جميعها وإفلاسها وإفقار ناسه وحجز ما تبقىّ من أموال مواطنيه في المصارف الخاصة الشريكة في سياسات استدانةٍ وتوزيع مغانم وإنفاقٍ بلا وازع أو طائل.

والانفجار الفظيع هو أيضاً، مثله مثل مغارة كهرباء لبنان التي امتصّت على مدى ربع قرن أكثر من ثلاثين مليار دولار وظلّت مقطوعة عن الناس، ومثل قضية النفايات التي لم يتفّق أركان الحكم على تفاصيل المحاصصةِ إدارةً لجمعها فتُركت لتُرمى في البحر أو تُطمر في التربة، نتاج ترنّح فلسفة حكمٍ لم يعد من إمكانية حياة في ظلّها. 

Friday, September 11, 2020

ما بعد انفجار مرفأ بيروت: أزمة لبنانية مفتوحة ورهانٌ فرنسيّ على تعزيز دورٍ شرق متوسّطي

نُشرت هذه الورقة مؤخّراً في "مركز الجزيرة للدراسات"، علماً أنها أُعدّت في 20 آب/أغسطس 2020

ملخّص تنفيذي

دمّر انفجار ضخم مرفأ بيروت وبعض الأحياء والمرافق المحيطة به، وتسبّب بمقتل وجرح الآلاف وتهجير عشرات الآلاف الآخرين. ودفع الانفجار، الذي حمّل أكثر اللبنانيين سلطات بلدهم المسؤولية عن وقوعه بسبب الفساد والإهمال، حكومة حسان دياب الى الاستقالة، في لحظة استعادة الانتفاضة الشعبية أنفاسها وعودة المظاهرات والاعتصامات الى الشوارع، وفي لحظة اندفاع الديبلوماسية الفرنسية للعب دور تريده باريس إنقاذياً وراعياً لتفاهمات وإصلاحات تتخطّى لبنان نحو عدد من الدول الداعمة لقواه المتخاصمة، ونحو تكريس حضور فاعل لها في شرق البحر المتوسّط.

غير أن الدور الفرنسي قد لا ينجح في إنتاج سلطة مقبولة داخل لبنان وخارجه، نتيجة قناعة ترسّخت داخلياً أن لا إنقاذ ممكناً في ظل الطبقة السياسية الحاكمة، ونتيجة حسابات أطراف خارجية فاعلة تُؤْثِر المحافظة على ستاتيكو محلّي وإقليمي بانتظار جلاء الموقف في واشنطن بعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

بذلك، تبدو الساحة اللبنانية مقبلة على استمرار في الأزمات السياسية والمالية والاقتصادية، ولو مع دعم مشروط تحشده باريس لتقليص الخسائر ومحاولة إيجاد تفاهمات بين حزب الله وبعض خصومه المحليين يمكّنها من التحوّل مرجعاً للشؤون اللبنانية وعرّاباً للاتصالات الإقليمية حولها.

Sunday, September 6, 2020

حول المبادرة الفرنسية لبنانياً والتباساتها

أثارت زيارة الرئيس الفرنسي الثانية الى بيروت ولقاءاته وتصريحاته خلالها الكثير من التعليقات والنقاشات اللبنانية، التي اعتبرت بمعظمها أن إيمانويل ماكرون عاد وأمدّ الطبقة السياسية بجرعة حياة، وأنه خفّف من مفاعيل الحصار المضروب على حزب الله بموازاة تواصله مع طهران التي يسعى لتقليص التوتّر بينها وبين واشنطن.
وقبل الخوض في تقييم المقولات المذكورة، يفيد الحديث عن المقاربة الفرنسية للمسألة اللبنانية، وارتباطها بحسابات سياسية تتخطى لبنان الى محيطه المباشر.