Wednesday, January 29, 2014

سوريا والحفر بالأظافر

يمكن لبعض المشاهد أحياناً أن تختصر قضايا وأحوال عقود كاملة. وقد وقع متابعو الشأن السوري الأسبوع الفائت على ثلاثة مشاهد مكثّفة تثبت ذلك

لاهاي 2

يمكن النظر الى انعقاد المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري بوصفه الحدث الأبرز لبنانياً منذ سنوات بعيدة. ففي هذا الانعقاد نهاية للحصانة التي لطالما "حمت" المجرمين، إذ لم يتبع أي اغتيال سياسي سابق مسار قضائي أفضى الى إدانة المذنبين. وفي الانعقاد إظهار للرصانة القانونية المرافقة لاتّهام أفراد بتنفيذ الاغتيال. وفيه كذلك تأكيد على أن الجرائم جميعها، التي تلت جريمة 14 شباط 2005 ووُظّف بعضها للتهويل وطلب المقايضة بين العدالة والاستقرار، لم تُفلح في وقف التحقيق ولا في منع المحاكمة. 

Sunday, January 19, 2014

حزب الله و"التوافقية" اللبنانية المترنّحة

منذ دستور 1926، ثم ميثاق الاستقلال الوطني العام 1943 والتشريعات التي تلته، اعتمد لبنان «الفلسفة التوافقية» في مؤسسات حكمه. وقد قامت الفلسفة هذه على أساس اقتسام السلطة بين ممثّلي الطوائف، وإقامة التحالفات السياسية العريضة واعتماد دوائر انتخابية تومّن التمثيل الأهلي المتنوّع في البرلمان، وتطبيق مبدأ الكوتا (عرفاً ثم قانوناً) في المناصب الوزارية والإدارية، إضافة الى إيثار «الإجماعات الوطنية» على «الحكم بالأكثريّة» في ما خصّ القرارات الكبرى المتّصلة بأوضاع البلاد وخياراتها الخارجية الاستراتيجية. وقد ساعدت خصائص النخب السياسية وارتباط مصالحها الاقتصادية والخدماتية بالاستقرار والاستعداد للبحث الدائم عن التسويات على توفير ظروف نجاح نسبي لـ «التوافقية» طيلة عقود. كما ساعد تفتّت التمثيل الطائفي ترابياً وتشكّل الزعامات على أسس محلّية (في المدن كما في الأرياف) على تجنّب الانقسامات العمودية عند نشوء اللوائح الانتخابية أو نشوب الصراعات السياسية.

مخيّم اليرموك

لم يسبق أن واجه فلسطينيّو الشتات في تاريخهم الطويل معاناةً كمثل مُعاناة مخيّم اليرموك في دمشق اليوم. ليس لأنهم لم يعرفوا فظاعاتٍ تشبه ما يشهدُه، وهم اختبروا الكثير منها في لبنان، من تلّ الزعتر وصبرا وشاتيلا الى البدّاوي فحروب المخيّمات ثم البارد، بل لأنها تجري وسط صمت مديد وشبهِ انعدامٍ لمظاهر التضامن معهم رغم الصوَر المتوفّرة والأخبار المنقولة مباشرةً من داخل المخيّم، أو ما بقي منه.

Saturday, January 11, 2014

الأسد - داعش أو الثورة

لطالما ردّد السفهاء (شرقاً وغرباً) مقولة مفادها أن الخيار في سوريا قائم بين نظام الأسد أو "الجهاديّين". وقد اتّخذ كثر من هؤلاء الأمر ذريعة اختبأوا خلفها لادّعاء حياد أو لإعلان تفضيل للأسد باعتباره "أهوَن الشرّين". كما أن بعضهم كان يبرّر للميليشيات الشيعية العراقية واللبنانية غزوها لسوريا وقتالها الجيش الحرّ بحجة أنها تدافع استباقياً عن نفسها تجاه "تكفيريّين"، وأن الصراع في كل الأحوال مذهبي لا أثر لثورةٍ على الاستبداد فيه.

Thursday, January 2, 2014

محمد شطح ومحمد الشعار والحياديّون

أنهى السفّاحون العام 2013 في لبنان بجريمة جديدة استهدفت الوزير السابق، الديبلوماسي والأكاديمي محمد شطح، واستهدفت معه أشخاصاً صودِف مرورُهم أو وجودُهم في موقع المقتلة. ولأن النقاش السياسي المتّصل بالأمر قد استُنفِد في ظلّ مناخ لبناني ثابت على انقساماته ومصرّ أحدُ أطرافه المدجّج بالصواريخ والمنخرط في الحرب ضد الشعب السوري على جرّه تجاه المزيد من المصائب، تكتفي هذه العجالة بالمرور على أربع مقولات راجت بعد الجريمة في الأوساط المحايدة أو المدّعية حياداً وابتعاداً عن الانقسامات القائمة.