Sunday, May 16, 2021

فلسطين العصيّة على الممانعة والتطبيع

تحلّ الذكرى الثالثة والسبعون للنكبة الفلسطينية في لحظةٍ تتصاعد فيها المواجهات في الأراضي المحتلة، وتتحوّل الى انتفاضة جديدة ضد الاحتلال والضمّ والحصار. ويجري ذلك كلّه بعد تغيّرات عميقة طرأت على البنى السياسية الاسرائيلية والفلسطينية وعلى الأوضاع الإقليمية.

فإسرائيل الصهيونية تحوّلت خلال العقود الماضية من كيان كولونيالي يقوده اليهود المهاجرون من أوروبا الى دولة تمييز عنصري "أبارتايد" واستيطان إحلاليّ في أراض احتلّتها عسكرياً خارج حدود الدولة القومية التي شيّدتها. ونخبتها السياسية تحوّلت من نخبة جلّها من الصهاينة العلمانيين واليساريين، الى نخبة بعضها صهيوني علماني وبعضها دينيّ، بانتماءات غالبها يميني ويميني متطرّف (في ظلّ صعود ديموغرافي شديد التأثير لليهود الروس).

والفلسطينيون الذين بنوا حركتهم الوطنية بعد نكبتهم واستعادوا لاحقاً قضيّتهم من أنظمة عربية هُزمت تكراراً في مواجهة إسرائيل، فكافح من بقي منهم في أرضه وكافح من طُرد منها لسنوات من الأردن ثم من لبنان، خاضوا في العام 1987 انتفاضتهم الكبرى. ونجحوا بعد سنوات تيه ومقاومة في فرض أنفسهم كفاعِلين سياسيين رغم كل ما قامت به إسرائيل عسكرياً ودعائياً لجعلهم "غير مرئيّين" ومعدومي الهوية الوطنية.

Friday, May 7, 2021

جبهات إيران الأربع والتفاوض مع الأميركيين

تتحضّر إيران منذ أشهر للعودة الى المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية حول برنامجها النووي، بعد أربع سنوات من التوتّرات والعقوبات والضربات المباشرة أو بالواسطة، التي أطاحت برجُلها العسكري الأقوى قاسم سليماني، وحاصرت إقتصادها وقلّصت من قدرتها على الانفاق الخارجي، من دون أن تؤثّر فعليّاً على نفوذها الإقليمي. 

ويدرك الإيرانيون أن إدارة بايدن تريد إحياء الاتفاق النووي السابق معهم، ومثله الملحق البالستي، وأن الأوروبيين يستعجلون في فيينا وأروقتها العودة الى الاتفاق لرفع بعض العقوبات التي تسمح لشركاتهم بالاستثمار وتوقيع العقود. لكن الايرانيين يدركون أيضاً أنه سيكون من المستحيل على واشنطن التراجع عن جميع عقوباتها دفعةً واحدة أو في مرحلة قصيرة الأمد كما يطالبون، أولاً لأن الكونغرس لن يوافق على هكذا رفع (خاصة في ما خصّ "الحرس الثوري" و"مكتب المرشد" والهيئات والكيانات المصنّفة إرهابية)، وثانياً لأن أي اتفاق شامل جديد يصعب حصوله هذه المرة بمعزلٍ عن بحث موازٍ في سياسة إيران الخارجية، وفي مسارات بعض "الجبهات" التي فتحتها أو انخرطت في صراعاتها.

وهذا يعني أن على طهران القبول بما تعدّه تنازلات قبل توقيع الاتفاق الجديد، وعليها أيضاً القبول بشروط تقنية قبل الرفع التدريجي والجزئي للعقوبات.