تحلّ الذكرى الثالثة والسبعون للنكبة الفلسطينية في لحظةٍ
تتصاعد فيها المواجهات في الأراضي المحتلة، وتتحوّل الى انتفاضة جديدة ضد الاحتلال
والضمّ والحصار. ويجري ذلك كلّه بعد تغيّرات عميقة طرأت على البنى السياسية
الاسرائيلية والفلسطينية وعلى الأوضاع الإقليمية.
فإسرائيل الصهيونية تحوّلت خلال العقود الماضية من كيان كولونيالي
يقوده اليهود المهاجرون من أوروبا الى دولة تمييز عنصري "أبارتايد" واستيطان
إحلاليّ في أراض احتلّتها عسكرياً خارج حدود الدولة القومية التي شيّدتها. ونخبتها
السياسية تحوّلت من نخبة جلّها من الصهاينة العلمانيين واليساريين، الى نخبة بعضها
صهيوني علماني وبعضها دينيّ، بانتماءات غالبها يميني ويميني متطرّف (في ظلّ صعود
ديموغرافي شديد التأثير لليهود الروس).
والفلسطينيون الذين بنوا حركتهم الوطنية بعد نكبتهم واستعادوا
لاحقاً قضيّتهم من أنظمة عربية هُزمت تكراراً في مواجهة إسرائيل، فكافح من بقي
منهم في أرضه وكافح من طُرد منها لسنوات من الأردن ثم من لبنان، خاضوا في العام
1987 انتفاضتهم الكبرى. ونجحوا بعد سنوات تيه ومقاومة في فرض أنفسهم كفاعِلين
سياسيين رغم كل ما قامت به إسرائيل عسكرياً ودعائياً لجعلهم "غير
مرئيّين" ومعدومي الهوية الوطنية.