Sunday, May 20, 2018

باب الشمس وبابا عمرو

ماذا تعني الكتابة الثقافية السياسية في مرحلة تشهد فيها المنطقة العربية تحوّلات وتصدّعات وثورات وثورات مضادة وانقلابات واجتياحات وتشظّي مجتمعات وتهجير وحروبَ أبادةٍ تتشارك في صناعتها أنظمةٌ وميليشيات أهلية ودول إقليمية وقوى عالمية؟ وماذا تعني الكتابة هذه في بيروت بالذات، على مقربةٍ من المذبحة السورية المتواصلة من جهة، ومن تصاعد العدوانية الإسرائيلية ومشاريع الاستيطان في فلسطين المحتلة من جهة ثانية؟ وماذا تعني في لحظة تراجع مساحات التعبير الحرّ وانتشار إعلام الشائعات والصراخ والعنصرية ضد اللاجئين؟

قد تبدو الإجابة بديهيّةً، إذ تُحيلنا إلى مهام المثقف المدافع عن قضايا وقيم، المستقلّ عن السلطات والمحصَّن تجاه غواياتها، المتحوّل أحياناً بفعل الأحداث فاعلاً سياسياً، أو صانع رأي عامٍ، أو شاهداً على حقبة يكتب تاريخها الفوري ويعيشه مع من يكتب لهم، أو يكتب تاريخها الموازي، ذاك الذي تهمّشه السرديّات الرسمية المنتصرةُ وتنسى ناسه.
والياس خوري بهذا المعنى، هو من المثقفين اللبنانيّين والعرب الأكثر تأدية لهذه المهام، في كتاباته كما في علاقته بالشأن السياسي، عبر تجارب «مسرح بيروت» وملحق «النهار» ثم مجلة «الدراسات الفلسطينية»، أو عبر تجارب عدّة سبقتها ورافقتها في بيروت الحرب الأهلية طيلة سبعينات القرن الماضي وثمانيناته، ثم غداة حقبة الاغتيالات والانتفاضة الاستقلالية الناقصة والمغدورة في العام 2005.