Sunday, February 26, 2023

الى أي حدّ غيّرت حرب أوكرانيا التوازنات الدولية؟

حلّت في 24 شباط/فبراير 2023 الذكرى الأولى لبدء الحرب الروسية على أوكرانيا.

حربٌ أرادها فلاديمير بوتين سريعةً وظنّ أنه سيحسمها عسكرياً وسياسياً في أسابيع قليلة، يُسقط فيها الحُكم في كييف ويدمّر مقومات الدولة الأوكرانية ويفرض ضمّاً لأجزاء شرقية وجنوبية من البلاد الى روسيا، مستعرضاً قوّته العسكرية.

غير أن الأمور لم تجرِ على نحو ما خطّط له سيّد الكرملين. فهو إذ اعتقد أن تدخّلاته في السنوات الأخيرة في جورجيا وأوكرانيا إياها ثم حربه الشاملة في سوريا التي لم يتصدّ له الغربيون فيها ستتجدّد مساقاتها خلال اجتياحه لأوكرانيا، فوجئ بردّ الفعل الأوروبي والأمريكي عليه، وفوجئ أكثر من ذلك بتماسك الأوكرانيين المستمرّ في مواجهة جيشه. ورغم الدمار الرهيب الذي أحدثه القصف الروسي في البنية التحتية الأوكرانية وتدميره الموانئ والمطارات والمرافق الحيوية الكبرى، ورغم تقدّم الجيش الروسي وميليشيا فاغنر في بعض المواقع شرق البلاد وجنوبها وتهجيرهم الملايين من السكان، إلا أن التسليح الغربي النوعي للأوكرانيين ودفاع الأخيرين المستميت عن مدنهم كبّد القوّات الغازية خسائر فادحة لم تكن في الحسبان. كما أن الاعتقاد بتراجع الأوروبيين مع الوقت عن دعم كييف نتيجة حاجتهم الحيوية للغاز الروسي لم يكن في محلّه. فهم بدأوا بالتحوّل عنه نحو الغاز المسيّل (الذي يتمّ شراؤه من أمريكا والنروج والجزائر وقطر) وتعزيز مشاريع الطاقة البديلة. كما أنهم شاركوا الأمريكيين في فرض عقوبات شديدة الإيذاء على الاقتصاد الروسي وعلى آلاف الأفراد والشركات المرتبطين بالنظام في موسكو. والأهم ربما أنهم نجحوا حتى الآن في إيجاد توازن بين مواقف دولهم المختلفة، الأكثر والأقل قرباً الى الجبهة الأوكرانية، وصاروا اليوم في دينامية تفاوضية داخلية تعدّ الحرب "على الجبهة الشرقية" جزءاً من واقع عليهم التعايش معه طويلاً. وفي هذا تبدّل سينعكس على موازنات الدفاع والأمن وعلى المقاربة الأوروبية للتحالفات العالمية القديمة أو المستجدة.

Sunday, February 12, 2023

النقابات الفرنسية في معركتها الكبرى: الحقّ في التقاعد قبل العجز والمرض

تدور في فرنسا منذ أشهر معركة اقتصادية وسياسية وقيميّة تتخطّى في مضامينها وتداعياتها موضوعها نفسه، ولَو أنه في ذاته عميق الدلالات والمؤدّيات. 

ذلك أن حكومة عهد إيمانويل ماكرون الثاني (برئاسة إليزابيت بورن) تحاول تمرير مشروع قانون يرفع سنّ التقاعد الى 64 عاماً (هو حالياً 62 عاماً مع تفاوتات بحسب عدد سنوات الخدمةوقطاعاتها وتاريخ بدايتها والظروف الصحية للعاملين والعاملات فيها). ومشروع القانون المذكور يأتي بعد فشل حكومة عهد ماكرون الأول (التي ترأسّها إدوارد فيليب) في تمرير مشروعٍ مشابه، وبعد فشل العديد من الحكومات في تسعينات القرن الماضي وفي العقدين الأخيرين في تمرير مشاريع تخصّ نهاية الخدمة وحقوق المتقاعدين وسواها من القضايا ذات الصلة.