Friday, August 22, 2025

إسرائيل وإبادة الصحافيين في غزة: أبعد من التوحّش والرقابة المطلقة

 لم يشهد أي صراع في العالم ولم تعرف أي ساحة حكَمتها الهمجية منذ أكثر من قرن مقدار التوحّش الإسرائيلي المسلّط منذ قرابة العامين على الصحافيين في غزة.

فأن تقتل إسرائيل في 680 يوماً أكثر من 230 صحافياً وصحافية مستهدفة معظمهم بالقصف الجوي والقنص ومطاردة الـ"درون"، ففي الأمر ما يرقى الى مستوى الإبادة المعمّمة على حاملي كاميرات وميكروفونات وكمبيوترات يسجّلون عليها وينقلون عبرها مشاهداتهم ويومياتهم وسيرة ناسهم وأرضهم وأحوالها.

والاستهداف هذا يُضاف الى الاستهدافَين الآخرَين الممنهجَين للأطباء والطواقم الطبية والإسعافية وللعاملين والعاملات في القطاع الصحي الذين تخطّى عدد الضحايا في صفوفهم الـ400 ضحية، وللأساتذة الجامعيين والجسم التعليمي الفلسطيني الذي تخطّى عدد المقتولين من أعضائه الـ450 شخصاً، في مسعى إباديّ واضح للمستقبل الفلسطيني في غزة، أو ما صار يسمّى بالـ"فيوتشوريسايد" في الحرب الإسرائيلية المستمرّة، المعطوفة على تدمير أكثر من 85 في المئة من البنية الاستشفائية والمدرسية والجامعية الغزّاوية.

سلاح حزب الله بين التسليم والعصيان

تتحضّر الحكومة اللبنانية هذا الشهر لاستحقاق وطني هو الأهم والأخطر منذ سنوات طويلة: بلورة استراتيجية دفاعية للبنان وتوفير الظروف اللازمة لاحتكار مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية للسلاح وللقدرة على استخدامه. وهذا يعني بالدرجة الأولى تسليم حزب الله كامل عتاده وتجهيزاته الحربية للجيش والبحث في سبل تحقيق الأمر ومراحله الزمنية، وما سيرافقه ويليه من إجراءات وخطوات لتوفير الاستقرار الداخلي وتجنّب التوترات الأهلية من ناحية، ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرّة واحتلال أراض لبنانية في الجنوب من ناحية ثانية.

إسرائيل في مواجهة الديموغرافيا الفلسطينية والقانون الدولي

لطالما سعت إسرائيل وعملت على تقسيم الفلسطينيين الى خمس مجموعات ديموغرافية وفق انتشارهم الجغرافي القسري، لتتعامل مع كل مجموعة سياسياً و"قانونياً" على نحو يُبقيها معزولةً عن الأخريات، ويمنع التواصل المباشر في ما بينها والقدرة على العمل المشترك من أجل مشروع ممكن التحقّق على الأرض.

عن مسرحيّ وموسيقيّ وأنتروبولوجي مُدهش لم تُسعفه السياسة

لم يؤثّر شخص في لغة جيل كامل (أو جيلين) من اللبنانيين كما أثّر زياد الرحباني. كانت مفردات مسرحياته، كما بعض كلمات الأغاني التي كتبها ولحّنها، مستوحاة من كلام فئات من الناس راقبها وعاش معها وعبّر بمزاجيّة ثاقبة عن عقليّتها، ثم اعتمدها في قوالب مسرحية تُحاكي كلَّ واحد منّا وتذكّره بورود ما يشابهها مرّة على الأقل في علاقاته وأفراحه ومتاعبه. وهو فوق ذلك، حوّلها الى تعليقات أو لازمات أغنيات أضحكتنا لدرجة أنها صارت مرجعاً في حالات كان يمكن أن تكون غليظة الوطأة لولا تذكّرها.

فمن منّا لم يعلّق على شخص يتأخّر دائماً في المشاركة في حديث أو يعود لذكر ما جرت الاستفاضة بنقاشه وكأنه لم يكن حاضراً أو لم يفهم شيئاً ممّا سبقَ ذكرُه بحضوره: "وأيمتى جايي الحكيم؟" نقول له، والقول يكفي ليشرح الوضع بأكمله (من مسرحية "فيلم أميركي طويل").

ومن منّا لم يقل أو تمنّى أن يقول لمتذاكٍ يريد تعديل عنوانٍ أو شعارٍ غير موفّق اقترحه سواه، أو يريد أخذ مكان شخص لم يكن إداؤه مُرضياً، فإذا بالعنوان أو الشخص القديم أفضل بكثير منه كبديل: "خلّيك خلّيك روجيه" (من مسرحية "شي فاشل"). ومن لم يُشارك نصيحة مدير المسرح "الأرمني" الذي أشار لمدرّب الرقص بأنه إن أراد إبداء ملاحظة لجوزف فعليه أن يعطي واحدة مباشرة من بعدِها لعبد تجنّباً لأي تأويل (من "شي فاشي" أيضاً). ثم هل من "ليلة وضواحيها" يمكن ذكرها من دون تذكّر أبي الجواهر ورشيد "ملك الساحة اللبنانية عَ بياض" الذي بدا مقتنعاً أن "الناس عم يستغلّوا الزعما والزعما معتّرين" (من "فيلم أميركي طويل")... طبعاً يمكن إضافة الكثير وتذكّر النماذج التي ظهرت في مسرحيّاته والتي نصادفها في حياتنا اليومية، مثل مزيج السوقية والظرف في "يا أرض احفظي ما عليكِ يقبش" (من "بالنسبة لبكرا شو")، أو كل ما يمكن أن يحيط بتسريحة شَعر "الست هند" اللي "شوي عالية"، أو في ما خصّ النقد الفنّي المتحذلِق الذي يخترع أحياناً أموراً لا أساس لها في العمل المعنيّ، كما حين تسأل الناقدة الفرنكوفونية الرسّامةَ الشابة (في "شي فاشل") عن مغزى تكرار الدائرة في لوحاتها، فيتبيّن أنها بسبب "الجرّة" التي وضعها أحدُ الممثّلين خطأً فوق اللوحات، فخلّف قاعها الرطب دوائر أضرّت بها وعلّمت عليها جميعها.