لم يعد واضحاً اليوم،
في آخر ال2013، ما الذي بقي من وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله أو
ما الذي تعنيه تلك الوثيقة والتحالف المبنيّ على أساسها في ظلّ تحوّلات الواقع
اللبناني وإشكالياته.
فإن أخذنا الموضوع المؤسساتي، لا تبدو الأولويات مشتركةً
بين التيّار والحزب لجهة التشكيل الحكومي أو لجهة القانون الانتخابي (الذي حال تعذّر
الاتفاق عليه بين الأطراف اللبنانية دون إجراء الانتخابات النيابية الربيع الماضي).
ولم تكن العلاقة أصلاً في أحسن أحوالها بين الطرفين خلال مشاركتهما في حكومة
الرئيس ميقاتي الأخيرة، إذ سبق لميشال عون أن أبدى أكثر من مرةٍ عتبه على
"الحلفاء" عقب اتفاقات لهم مع رئيس الوزراء.
وإن أخذنا موضوع السلاح، لا تبدو الأمور الراهنة شبيهة
بما كانت عليه في العام 2006. فالسلاح كان يومها احتمالاً وتهديداً (رمزياً) للخصوم
الداخليين، وكان انعقاد التحالف في ظلّه مدعاة استقواء على التيار الحريري وفريق
14 آذار لتعديل موازين القوى وتوسيع المشاركة في السلطة وفي دوائر النفوذ. أما
اليوم فقد صار السلاح ذاته، بقدّه وقديده، أداة ربط مباشر للبنان بالصراع الدائر
في سوريا، ولم يعد - بعد الإفراط في استخدامه - وسيلة تخويف أو تهويل داخلي بقدر
ما صار جزءاً من منظومة أوسع منه ومن لبنان بـأكمله، ولا طائل عونياً خاصاً يُتيح الإفادة
منه محلّياً في المتبقّي من عمر الجنرال السياسي ومن قابليّته للترشيح الرئاسي
وإن تحدّثنا بلغة
عونية صرف كانت تستنكر على الخصوم ما تعدّه تدخّلاً في الشأن السوري وترى أن
انسحاب نظام الأسد من لبنان أنهى موجبات الخلاف مع دمشق، لوجدنا أيضاً أن ذهاب "السلاح
اللبناني" الى القصير والسيدة زينب والقلمون تجاوزٌ للأمر ونفيٌ كلّي له.
أبعد من ذلك وأهمّ، أن
التحالف العونيّ الحزب-إلهي انبنى بهدف التصدّي للحريرية بأدوارها الاقتصادية
وبصلاتها الدولية وببعدها المذهبي (المستند الى مدى ديموغرافي عربي)، وهذا يعني أن
الذهاب العدواني الى الجوار السوري وإقحام الشيعة اللبنانيّين فيه ومعهم حلفائهم ستكون
نتائجه مع الوقت معاكسة تماماً لمبتغى التحالف الأصلية. ذلك أن استدعاء "السلاح
السنّي" السوري الى لبنان قد ينهي وظيفيّة سلاح حزب الله نفسه ويعدّل البيئة
السنّية المحليّة الحاضنة حتى الآن للحريرية، مستعيضاً عنها بنزعة مقاتلة بوِسعها نقل
العونية من حالة الاستقواء بالسلاح الشيعي على الآخرين الى حالة البحث مع الشيعة
عن سبل الاحتماء من هؤلاء الآخرين!
لكن ربّما لم يفُت الأوان
تماماً بعد. فإن كان ثمة عقلاء (في طرفَي التفاهم) لم ينل من شجاعتهم جنون غرورٍ
أو فجور قوّة آنيّة أو "ذرائعية استباقية" (على الطريقة الاسرائيلية)،
وجُب أن يتحرّكوا سريعاً، أو على الأقل بوتيرة أسرع من وتيرة وصول الجثامين الى
بلدات جنوبية وبقاعية يظنّ ذووها أن انتقاماً للحسين جرى وأن نصراً موعوداً تمّ.
وفي الحالين لا ذكر عندهم لورقة تفاهم ولا تذكّر على الأرجح لوجودها ذاته...
زياد ماجد