Wednesday, October 2, 2013

الموت اللبناني البطيء... والعنصرية

غرق قبل أيام مواطنون لبنانيون من منطقة عكار في البحر الإندونيسي بينما كانوا يحاولون العبور نحو اليابسة الاسترالية لطلب اللجوء والإقامة.
بعد ذلك بساعات، إشتبك أفراد من عائلة بعلبكية مع عناصر من حزب الله في البقاع الشمالي، وقُتل في الاشتباكات عدد من المواطنين.
سبق الأمر قتال في بعض أحياء ضاحية بيروت الجنوبية بين شبّان من عائلتين/عشيرتين رغم الخطة الأمنية التي سمحت لقوى "الشرعية" بالدخول إلى الضاحية ومرافقة أمن "المقاومة" الذاتي المنتشر في شوارعها.
أما في بيروت، فاستمرّت الحكومة المستقيلة في آذار الماضي في مهمّة تصريف أعمالها، وواصل البرلمان المنتهية صلاحيته منذ  أشهر غيبته، واعتاد الناس أكثر من أي وقت مضى انقطاع الكهرباء النهاري وتراجع الخدمات وتهتّك عرى الدولة.

هكذا، واصل البلد الصغير سيره ببطء شديد نحو موت سريري لا يبدو أن ما يحول دون اكتماله محلّي بالكامل، بل هو مزيج من التواطئ الإيراني السعودي المرحلي على تجنيبه الصدامات الكبرى وانعدام القدرة عند خصوم حزب الله المحلّيين على التعبئة القتالية والتجهيز الطويلي الأمد ضدّه. وهذا يعني أن السير البطيء الراهن نحو الردى مؤقّت، قد تتسارع خطاه إن تغيّرت معادلات أو توازنات ليس لأكثرية اللبنانيّين شديد تأثير فيها. يمكنهم الاحتماء أحياناً في الخوف الذي تستثيره عندهم صور المأساة السورية، وفيها بعضٌ من ذكرياتهم، ويمكنهم كذلك الركون الى ما تبقّى من حيويّات المجتمع المدني وحملاته الاجتماعية والثقافية. لكن ذلك لا يكفي إن قرّر من هم خارج الحدود تسريع الخطى نحو الهاوية، ولاقاه من يتوق للأمر في الداخل، أو حتى إن عادت وتصاعدت مشاركة حزب الله في  المقتلة في سوريا وتنظّمت في المقابل حملات لملاقاته هناك ثم العودة وإياه لتسديد حسابات في "الربوع الوطنية".


ورغم هذا العجز اللبناني عن مواجهة التحدّيات، ورغم الجو الثقيل والفشل السياسي المديد، ثمة مسؤولون لبنانيون (وزراء ونواب) يملكون مقداراً مقزّزاً من الوقاحة يخرجون بين الحين والآخر ليلقوا سفاهاتهم على اللاجئين السوريين والفلسطينيين، محمّلين إياهم مسؤولية التدهور السياسي والإقتصادي والإداري والأمني. وهؤلاء لا ينفع تذكيرهم بأن الأوضاع اللبنانية مشلولة ردئية منذ ما قبل الثورة السورية وتدفّق اللاجئين، ولا ينفع حتى البحث معهم في نقاش كان يمكن أن يكون مشروعاً، حول قدرات لبنان المحدودة وحول المصاعب المادية التي يواجهها وحول سبل التعامل معها. فهم بمعزل عن كل نقاش وسؤال مهجوسون بالأعداد وبالانتماءات المذهبية وبالمظاهر وألوان البشرة والعيون. وهم مثلهم مثل العنصريين المذمومين والمرذولين في المجتمعات الغربية التي يتوقون للتشبّه بناسها، "برازيت" يبحثون على الدوام عن الضحية السهلة ليرموا عليها أسباب فشلهم وعجزهم وتخلّفهم الفردي المعطوف على تخلّف بيئاتهم السياسية... لحسن الحظ أن أثرهم لا يتخطّى حتى الآن حدود الشتم وتقيّؤ ما في دواخلهم من فضلات...
زياد ماجد