Tuesday, July 30, 2013

شارل وضرار وبشار

في رسائل شارل أيوب الى بشار الأسد، وفي ما نُشر من معلومات حول مقتل ضرّار جمو، عناصر كثيرة في السياسة كما في "الأخلاق" توصّف بدقّة منظومة العلاقات "السورية اللبنانية" التي نشأت في العقود السابقة.

فمن تعظيم أحوال الرئيس السوري ووصف يوميّاته وما تحفل به من مواجهات مع المؤامرات تسبقها رياضة صباحية وطعام "صحّي ومتوازن" وتليها مطالعة ثم نوم عميق (على ما أورد أيوب في أولى مقالاته)، الى التغنّي بالبطولات القومية وتذكير الأسد بالولاء "العذري" له ومطالبته بالإنقاذ المالي لجريدة كرّست نفسها لخدمته وأبيه (ب700 ألف دولار كما جاء في المقالة الثانية)، وصولاً الى استعادة أحداث يرد فيها تزوير الانتخابات والتضييق والنهب المخابراتي الذي لم يقابله سوى ترفّع الكاتب ووفائه لخطّه السياسي حتى أمام لجنة ميليس (وفق المقالة الثالثة)، يكتب رئيس تحرير "الديار" ما يشبه السيرة الموازية لتلازم المسارين في الحقبة الأسدية. وتبلغ السيرة ذروتها الدرامية حين يخيّر الصحافي اللبناني "رئيسه" بين انتحار مشهدي سينفّذه في ساحة الأمويّين إعتراضاً على تجاهله ومهانته، وبين إعدام يمكن للرئيس تنفيذه بحقّه (بالرصاص أو بالعبوة الناسفة على ما يقترح!) بعد أن بات كل ما يملكه في الدنيا الفانية بيت والده (المهدّد بالبيع) ووقفه العزّ...

في المقابل، تبدأ السيرة التي تقدّمها قصّة ضرّار جمّو في لحظة مصرعه. ذلك أن التحقيق في ملابسات إطلاق النار عليه (إن صحّ) يعيدنا الى مراحل صعود الرجل واتّساع نفوذه في الوسطين السياسي والإعلامي اللبناني والسوري، وعلاقاته بضبّاط المخابرات، وتحوّله واحداً من الناطقين بلسان نظام الأسد بعد اندلاع الثورة. وصعوده هذا لم تجن منه زوجته وشقيقاها على ما يبدو ما يجعلهم متعلّقين فيه. بل على العكس، صاروا شديدي النقمة عليه لغيابه فترات طويلة، ولبخله وكذبه. ثم أنهم بعد التخلّص منه، شاركوا في تشييعه "شهيداً" ممانعاً، ووصلت تعاز وأموال من الأسد لنجدتهم، فما كان من والده إلا أن صادرها ومنعها عنهم.

هكذا، تتلاقى سيرة ضرار في استرجاعها (الفلاش باك) بسيرة شارل في تقدّمها (عند اكتمال ثلاثيّته). فيحصل الأول على نقود بعد مقتله، ويهدّد الثاني بقتل نفسه إن لم تصله النقود. أما صاحب النقود في الحالين فهو قائد السياسة والنضال والممانعة.

على أن سيرتي شارل وضرّار تتخطّيان الشخصي وتصيبان العام حتى بالتفاصيل، إذ تشبهان سيَر كثرة من زملائهم في البلدين. وهؤلاء هم اليوم على الأرجح في حيرة من أمرهم. يخشون مآل ضرّار ولو أنهم اشتهوا استضافتهم محلّه في الفضائيات، ويخشون مآل شارل ولو أنهم جميعاً حلموا بامتلاك جريدة...
فما لهم إذاً إلا أن يزيدوا من جرعات الوفاء لقائدهم صاحب السلاح والنفوذ، وينتظروا النقود.
زياد ماجد