منذ أواخر العام 2023، وعلى امتداد العامين 2024 و2025، شهدت عواصم كثيرة حول العالم، خصوصاً في الغرب، حراكاً مدنياً واسعاً ضد الحرب الإسرائيلية على غزّة وما اتّسمت به من طابع إبادي، وضد تواطؤ الحكومات الغربية أو صمتها تجاهها، رغم استثنائية توحّشها في التاريخ الحديث. وشاركت نقابات واتحادات طلابية وشبكات نسوية وحركات ثقافية، إلى جانب ناشطين بيئيين وأطباء ومحامين وصحافيين وعاملات وعاملين إنسانيين، فضلاً عن أحزاب وهيئات يسارية، في تحرّكات وتظاهرات أسبوعية بدت فيها القضية الفلسطينية أبرز محاور الفرز السياسي الداخلي في المجتمعات المعنية، وأبرز قضية كونية مشتركة للملايين من المتظاهرين.
Sunday, October 26, 2025
Monday, October 20, 2025
نادي دونالد ترامب وأَضرابِه
كيف يمكن وصف نادٍ سياسيّ يقوده دونالد ترامب، معاملاً معظم قادته بازدراء وسوقية، طالباً من بعضهم ما يسمّيه أموالهم الفائضة، ومن بعضهم الآخر الالتزام بما يأمرهم به، مهدداً بتدمير اقتصادات هنا و"قتل أعداء" هناك، خاطباً في برلمان إسرائيلي قبَيل توقّف إبادة جماعية وحضَريّة لم يحصل ما يُعادلها فظاعةً في التاريخ الحديث، فيقول إن "بيبي كان يتّصل بي يومياً لِيطلب أسلحة أميركية لم أسمع أحياناً بها. نرسلها له، وهي رائعة، فيستخدمها على نحو حسن جداً. لقد أنجز مهمة ممتازة".
وكيف يمكن وصف جمهور معجب بفظاظة الرجل المذكور، ومبهور بقدرته على الارتجال (الرث) والشتم وخرق القوانين والخروج عن كل سياق ديبلوماسي مألوف في العلاقات الدولية، لفرض ما يريد بالقوة، وهو فوق ذلك فاحش الثراء، تَفاخر أكثر من مرّة بذكائه الذي سمح له بالتهرّب الضريبي؟
Wednesday, October 15, 2025
وقف الإبادة وما بعدها
توقّفت أخيراً حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرّة منذ عامين. توقّفت بأمر أمريكي نتيجة أربعة عوامل. أوّلها ضغط حلفاء دونالد ترامب الأوروبيين عليه، بعد وصول الأمور الى درجة من التوحّش لم يعد بوسعهم الصمت تجاهها، كما صمتوا أو تواطأوا خلال أكثر من عام ونصف. وضغطهم هذا سببه بدوره ضغط الرأي العام والمجتمعات المدنية الغربية التي تحرّكت على نحو غير مسبوق في العالم منذ حرب فييتنام والانتفاضات الطلابية الكبرى قبل أكثر من نصف قرن.
العامل الثاني، هو ضغط حلفاء ترامب الإقليميين، وتحديداً دول الخليج وتركيا، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي في الدوحة، الذي ولَو سبق أن سمح به ترامب نفسه (أو لم يعارضه)، فإنه أحرجه لاحقاً نتيجة فشله ونتيجة غضب قطر والسعودية من وقوعه ومن خطره على أمنهما الوطني كسابقة لا ضمانة لعدم تكرارها، في ظلّ عدم تشغيل الدفاعات الصاروخية التي اشتروها من الأميركيين وأنفقوا عليها وعلى غيرها من العتاد الأمريكي عشرات المليارات من الدولارات.
Monday, October 6, 2025
عن حزب الله وسلاحه أيضاً وأيضاً
تعرّض حزب الله خلال الأشهر الأخيرة لما أسماه "حرب الإسناد" العام 2024 لمجزرةٍ إسرائيلية أطاحت بقيادتيه السياسية والعسكرية ودمّرت معظم تحصيناته الحدودية ومواقعه المتقدّمة. حصل ذلك نتيجة عوامل قيل فيها الكثير: بدءاً من سوء حساباته وحسابات إيران التي لم تقدّر عواقب التهديدات الإسرائيلية - الأميركية بالتصعيد و"الحلّ العسكري"، وهو ما حال دون سماح طهران باستخدام الأسلحة الثقيلة ظنّاً بإمكانية إبقائها لجولات لاحقة، مروراً بالذكاء الاصطناعي وتوظيفاته العسكرية التي لا معرفة كافية للبنانيين والإيرانيين بتبعاتها، وصولاً الى الاختراقات الأمنية بواسطة عملاء في جسمه وبيئته المباشرة، لأسباب عديدة، منها انكشافه الأمني في سوريا خلال مشاركته في الدفاع عن نظام الأسد البائد على مدى سنوات، ومنها الانهيار الاقتصادي اللبناني المسهّل رشوة عملاء، ومنها الاختراق الاستخباري الإسرائيلي والأميركي في إيران ذاتها، وفي مواقع سهّلت توفير قاعدة معلومات خطيرة حول البنى الحسّاسة للنظام الإيراني ولحليفه اللبناني. كما أن استعاضة تل أبيب عن العمليات البرية الواسعة، لعلمها بقدرة حزب الله على إلحاق الأذية بجنودها، بالقصف الجوي وباستخدام طاقة نيرانية استثنائية التدمير حقّق لها نفس النتائج وأظهر انعدام معادلة الردع التي ادّعى الحزب وجودَها.
ولم يعُد صحيحاً بالتالي القول بإمكانية استخدام ما بقي من سلاح ثقيل في مواجهات مقبلة، إذ أن الطائرات المسيّرة والأقمار الاصطناعية والترتيبات الأمنية الجديدة في الجنوب والاحتلال الإسرائيلي لعدة مناطق بعد وقف إطلاق النار (الذي قبِل به الحزب وحكومة نجيب ميقاتي الموالية له والرئيس نبيه برّي المفاوض باسمه) وتفكيك البنية التحتية العسكرية لحزب الله جنوب الليطاني لا تُتيح هوامش تحرّك عسكري.
خيارات الحزب بعد الكارثة التي حلّت به وبلبنان هي إذاً ثلاثة، لا رابع لها، بمعزل عن كل السجالات والمزايدات، قبل موقعة صخرة الروشة وبعدها.