Thursday, April 21, 2016

حملة "بيروت مدينتي" إذ تُعطي معنىً للانتخابات

أطلق مواطنون ومواطنات منذ أشهر حملةً بمسمّى "بيروت مدينتي" تحضيراً للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في لبنان في أيّار المقبل. 
بدت الحملة عند انطلاقها وكأنها خارج السياق "الوطني"، في بلد مضى عامان ولم ينتخب برلمانه الممدِّد لنفسه رئيساً للجمهورية، وفي مدينة تنتشر فيها القمامة وتنقطع عنها الكهرباء رغم المليارات المنفقة عليها بعد ربع قرن على انتهاء الحرب. وبدت الحملة خارج السياق كذلك لشعور عام أن لا انتخابات جدّية ممكنة في ظل الأداء السياسي المُهيمن والقيّمين عليه، ولا بلديّات فاعلة في ظل تحكّم صيغة مركزية (وغالباً زبائنية) بالخدمات العامة. 

لكن القائمين بحملة "بيروت مدينتي" لم ييأسوا. استمرّوا بالدفاع عن مبادرتهم وبتنظيم لقاءات أتى بعضها مفاجئاً لجهة اتّساع حضوره وتنوّعه ونقاشاته. كما عملوا على الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي ليسجّلوا رسائل شخصية تعرّف بحملتهم وبأهدافهم، ثم تُعرّف ببعض مرشّحيهم ومرشّحاتهم لعضوية المجلس البلدي لبيروت. ظهر هؤلاء متّزنين، ذوي تطلّعات إصلاحية وتنموية "معقولة"، وذوي "واقعية" في التعاطي مع أكثر من ملف، على عكس الانطباع المُراد ترويجه عنهم بوصفهم مجرّد "حالمين" أو "يوتوبيّين". جميعهم من خارج النوادي السياسية – الطائفية المستحوذة على المجالس البلدية منذ عودة انتخاباتها العام 1998، وجلّهم ممّن يرى فيهم الواحد شبهاً بما يشتهي أن تكون عليه النخب السياسية في بلد تجتاحه منذ عقود الفضائح وانعدام كفاءة المسؤولين ورداءة العديد من القوانين.


هكذا، صارت حملة "بيروت مدينتي" بعد أشهر من انطلاقها الحملة الانتخابية الأبرز، الحاملة لمعنىً ولجدوىً ولبرنامج، بإمكانيات تتخطّى فعلَ مساءلة السائد ومناكفته الى احتمال مواجهته اقتراعاً وتواصلاً مع الناس المتضرّرين منه، الساعين الى إصلاحه.

وإذا كان قانون الانتخاب المحلي متخلّفاً لجهة استبعاده الاقتراع مكان السكن والعمل حيث الاستفادة من الخدمات ودفع الضرائب وهموم الحياة اليومية ومتعها، ولجهة تحديد عُمر المشاركة في الانتخاب بـ21 عاماً (في حين أن عمر المسؤولية القانونية في لبنان هو 18 عاماً)، ولغياب الكوتا النسائية المؤمّنة حداً مقبولاً من العدالة، فإن مواجهة ذلك تتمّ بالتصويت لمن يرون في تغييره واحداً من مهامهم ومبرّراً لمبادرتهم ودعوتهم لتكون "بيروت مدينتهم/نا".

حملة "بيروت مدينتي" هي إذاً محاولة جديدة للدفاع عن المواطنة وعن الحقّ بالعيش في مدينة (أو بلدة) بشروط إنسانية وبيئية "محترمة". على أنها في ظرفنا الراهن محاولةٌ أيضاً للقول بعدم الاكتفاء باقتناء كمّامات أو استخدام عطور للاتقّاء من الرائحة الكريهة المنبعثة في أرجاء المدينة، أرجاء البلاد...
زياد ماجد