Thursday, April 9, 2015

نصر الله واليمن وسوريا

يتساءل مراقبون كثرٌ هذه الأيّام عن هويّة الفئات التي يُخاطبها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالاته الإعلامية، وعن فريق العمل الذي يحضّر له كلماته أو ملفّاته في هذه الإطلالات.
ولعلّ كلمته الأخيرة التي خصّصها لتطوّرات الوضع اليمني كانت مناسبةً لتعاظم ترداد التساؤل المذكور، خاصة أنه في مقاربته "للقضية اليمنية" استند الى مبدأين، هو الأقلّ مناعةً ومشروعيةً لإثارتهما.
 
المبدأ الأول هو مبدأ "رفض التدخّل الخارجي والغزو العسكري". فأن يُكرّس السيّد نصر الله جزءاً من حديثه للتعقيب على هذا الأمر وتجريمه ودعوة اليمنيّين الى التصدّي له ومقاومته، وهو الذي توجَز سيرةُ حزبه العسكرية منذ صيف العام 2012 ولغاية اليوم بكونها تدخّلاً خارجياً في الشأن السوري وغزواً حربياً للأراضي السورية، ففي الأمر مفارقة عجيبة، لا أصَحّ تجاهها من قول السيّد نفسه "إن الغُزاة سيُهزَمون".

المبدأ الثاني هو مبدأ "رفض العدوان لقمع الثورات". ونصر الله يعني بالطبع أن الحوثيّين في اليمن يمثّلون الثورة التي يُسعى الى قمعها. وهذا على تهافُتِه، إذ أن الحوثيّين تحالفوا مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في ثورة مضادة وفي سعي للاستيلاء على السلطة وعلى كامل البلاد ومرافئها بعد الثورة، مستغرَبٌ ذِكرُه ممّن أرسل قواتِه بطلب إيراني لمحاولة قمع الثورة في سوريا والعدوان على أهلها، من القصير الى يبرود فالغوطة الشرقية ودرعا.


وإذا أضفنا الى المبدأين المذكورَين ما ردّده السيد نصر الله حول إيران وأدوارها الإقليمية وحول حزب الله واستقلالية قراراته، أدركنا أن الزعيم الشيعي اللبناني يخاطب فئاتٍ لا تعرف شيئاً عن كلّ ما ذَكر (أو لا تريد أن تعرف ويكفيها ولاؤها للخطيب)، وأنه وفريق عمله مضطرّون للتعليق السريع على التطوّرات بسبب خطورتها، ولَو من دون قدرة تأثيرٍ هذه المرّة على مجرياتها، لا شحذاً للهِمم الحوثية ولا وقفاً للغارات الجوية ولا تعديلاً في خريطة تحالفاتٍ قد يكون لِلغرور السياسي والعسكري الإيراني الفضل الأوّل في تركيبها.

يبقى أنّ كل تدخّل عسكري خارجي في أي مكان في العالم، وبمعزل عمّا قاله أمين عام حزب الله، يستحقّ أن يُشرّح ويُناقش في خلفيّاته ومبرّراته وتبعاته. والأمر بالطبع يسري على العملّيات العسكرية السعودية في اليمن. فالأخيرة هي أوّلاً مواجهةٌ تخوضها الرياض مباشرةً مع طهران، الحاضرة من جهتها بالواسطة. وهي ثانياً استعراض قدرةٍ على حشد تأييد الدول الكبرى في العالم الإسلامي السنّي، من باكستان الى تركيا ومصر، لتذكير إدارة أوباما أن العديد من حلفاء واشنطن في المنطقة غير راضين عن الأولوية المعطاة في سياسته الشرق أوسطية للاتفاق مع الإيرانيين. وهي بهذا المعنى، غير معنيّة بمصلحة اليمن المتحوّل ساحةً تشهد بدء طورٍ جديد من الصراع في المنطقة دشّنه أول ردّ هجومي سعودي على إيران، المهاجِمة لوحدِها منذ سنوات، في العراق وسوريا ولبنان، واليمن. 

وحزب الله في الصراع هذا طرف، لأسباب إيرانية ومذهبية. وكل حديث لأمينه العام حول الغزو والعدوان "لا يُصرف" جدّياً، لا في اليمن ولا في لبنان، ولا في القلمون وجوبر وبُصرى الشام.
زياد ماجد