Friday, June 14, 2013

تكفيريّون

يُكثر حزب الله من إطلاق تسمية "التكفيريّين" على قوات الجيش السوري الحرّ والكتائب الإسلامية المقاتلة ضد نظام بشار الأسد. وهو إذ يفعل ذلك بعد أن صار على تماس عسكري مع بعضها في عدد من نقاط الاشتباك في سوريا، يحاول تبرير انخراطه في القتال السوري وتخويف جماعات أهليّة لبنانية وعربية من احتمالات وصولها إليهم إن لم يستبق الحزب الشيعي ذلك ويقاتلها في عقر دارها. 

على أن التسمية، بمعزل عن احتمالات انطباقها على بعض الجماعات المتشدّدة مذهبياً وبمعزل عن الأسباب الحقيقية لقتال حزب الله في سوريا، تبدو غريبة حين تصدر عن طرف يعدّ نفسه "حزباً لله" ويصطفي مريديه بوصفهم "أشرف الناس" ولا يرى في خصومه إلّا أعداء وعملاء متآمرين يوزّع البقلاوة احتفاءً بكلّ مصرع يصيبهم. فهو بهذا، لا يختلف في نهج التمايز وتجريم الآخر المخاصم عن مناهج "التكفيريّين" المُفترضين الذين يدعو لمواجهتهم.

أكثر من ذلك، يؤسّس الحزب في تعاطيه مع الساحتين اللبنانية والسورية منذ مدّة، وانطلاقاً من نهجه "العدائي" ومن تصنيفاته السياسية، سلوكاً لا يُقيم للمسائل والحدود القانونية احتراماً أو شأناً. فادّعاء الحق المطلق واحتكاره (وفي ذلك واحد من "موجبات" أو مسبّبات التكفير) وادّعاء التفوّق على الآخرين، مسنودَين الى إمكانات عسكرية ومالية كبيرة وقدرات تعبوية وشعور بالحصانة بمعزل عن أي ارتكاب، يدفعان الى استسهال توجيه التهم الى الآخرين ويؤسّسان لجرائم موصوفة ضدّهم. وقد خبرت الساحة اللبنانية الكثير من الاستسهالات المشابهة وما زالت، والجريمة النكراء التي أودت بحياة المواطن هاشم سلمان أمام السفارة الإيرانية في بيروت نهار الأحد الفائت مثال صارخ على ذلك.


الأشدّ خطورة، أن مزيج "التكفير" واحتقار القوانين لم يعد سلوكاً يقتصر على حزب الله بأعضائه وقياداته وحدهم. بل انتشر ليشمل جزءاً كبيراً من بيئة الحزب الاجتماعية التي يتصرّف مكوّناتها بعنف واستفزاز وغرور قوّة لا يعبّر عنها إلا الراغب بتظهير كراهيته للخصوم وتثبيب المنطق التكفيري الذي يعتمده تجاههم.


التكفير ليس إذاً سمة غريبة عن خطاب حزب مذهبي سياسي شديد التسلّح والتنظيم وعميق الولاء لمرجعية ايديولوجية دينية. وتسمية أعداء الحزب وخصومه - أو من ينوي الحزب قتالهم – بالتكفيريين ما هو إلّا تحوير لقضايا سياسية وهروب من شرحها باتجاه تعميمي يريد التهويل على "المحايدين" من جهة، وتعبئة الأنصار والأتباع من جهة ثانية. وفي الحالين، يريد تبرير الدخول في عمليات عسكرية – سياسية لن تجلب غير المآسي والويلات.
زياد ماجد