Tuesday, July 5, 2011

"لايك الحرية"

لعل أبرز ما اخترعه الفايسبوك هو ذاك النقر على رابط "لايك" للتعبير عن إعجاب أو تقدير أو محبّة أو تعاطف أو أخذ علم أو لياقة أو كل ما ورد مجتمعاً. ورابط "اللايك" الصغير هذا يجوز استخدامه تجاه "صفحة" لشخص أو لقضية أو لكتاب أو مناسبة. كما يجوز اللجوء إليه عند الوقوع على صورة أو عقب قراءة تعليق أو نص أو حتى تعليق على التعليق أو النص. وهو يصير بعد أيام من كثرة استخدامه إدماناً، إذ يشعر الواحد برغبة ملحّة بوجوده في حوزته طول الوقت يضغط عليه سراً أو يستلّه فجأة إن أعجبه شيء أو شخص أو صوت أو كلمة أو أمر ما في الطريق أو البيت أو الجامعة أو المقهى أو أي مكان آخر. أكثر من ذلك، يمكن للفرد أن يتخيّل مجتمعاً بحاله مسلّحاً بروابط "اللايك" يضغط عليها يميناً ويسارا، ويطلقها في احتفالات تترجم "ميدانياً" المشتركَ في المشاعر والانفعالات.


على أن "اللايك" صارت منذ بدء الثورات العربية "إلتزاماً" سياسياً. فعلى الواحد الالتحاق بصفحات ودعمها، وعليه تشجيع كتابات وتحصينها. والأهم، عليه تكييف معاني "لايكاته" مع طبيعة المواد التي يرصدها. وهذا التكيّف تحوّل مع الثورة السورية الى أمر صعب أو شبه مستحيل. فأخبار تلك البلاد الشامخة الحاضرة يومياً على صفحات عامة وشخصية تثير شحنات من العواطف تحتاج الى رشقات كثيفة من "اللايكات" كي تشِي بمكنوناتها. فلا "لايك" تكفي مثلاً للتعبير عن حال الانبهار بشجاعة أهل درعا وبانياس ودوما ودير الزور والرقة وإدلب وهم يواجهون الدبابات بصرخات الحرية. ولا "لايك" تكفي لنقل الكمّ الحقيقي من مشاعر الاعتزاز والفخر بجيرة أهل حمص وحماة. ولا "لايك" تقدر على نقل الحب للأصدقاء والصديقات القاطنين في سوريا أو القاطنة هي في عقولهم وأجسادهم حيث هم في المنافي ينتظرون أهلهم ونصرهم. ولا "لايك" تقدر على نقل الإعجاب بروح السخرية وهي تنكّل بالطاغية وتُسقط عنه كل هيبة اصطنعها وفرضتها "مخابراته". وأيضاً لا "لايك" يمكن أن تحمل ما يكفي من فرح عند خروج معتقل كانت صورته قد صارت مألوفة لكثرة ما وضعها أصحاب على صفحاتهم أو "بروفايلاتهم"، حتى ليشعر الواحد أن له قسطاً من صداقة المحرّر أو حقاًّ في الاحتفال معه ومع ذويه...

هي "اللايك" إذن، وهي صارت منذ 3 أشهر أو أزيَد، شديدة الالتصاق بسوريا؛ بتلك البلاد المتمسّك أبناؤها وبناتها بإرادة الحياة، وبتلك الأسماء العلم التي تحوّلت في ذاتها الى مرادفات للحرية... الحرّية التي لا تستحق "لايكاً" فحسب، بل وملايين "اللايكات".

زياد ماجد