Wednesday, March 23, 2011

ازدواجية المعايير اللبنانية تجاه ثورات العالم العربي

ما من فارق بين التطلّعات للعيش بحرية وبكرامة بين بلد وجاره. وما من فارق بين توق شعب وآخر للتحرّر من نير الاستبداد الجاثم فوق صدوره.
وحتى لو اختلفت الظروف بين المجتمعات، وهي حكماً مختلفة، إلا أن حقوق الإنسان لا تختلف، والانحياز الى الديمقراطية لا يتبدّل.


وإن بدا هذا الكلام بديهياً، تكفي متابعة تصريحات الكثير من السياسيين في لبنان وقراءة معظم الصحف والمواقع الالكترونية لتُظهر بُعده عمّا يُقال ويُكتب.
فمن جهة، ثمّة من يتغنّى بثورتي تونس ومصر، اللتين تستحقان فعلاً كل تغنّ واحتفال، ثم يتجاهل أو حتى يهجو انتفاضة درعا السورية ومظاهرات دمشق وحمص وبانياس في وجه نظام يغدو نظيراه المصري والتونسي هاويي قمع وعنف إن قورنا بتمرّسه واحترافه في المجال.
ومن جهة ثانية، ثمة من يهلّل لمظاهرات المعارضة الإيرانية، وهي أيضاً تستحق كل التهليل، ثم يكاد يحيّي تدخّل ما يسمّى بقوات "درع الجزيرة" السعودية في البحرين، ويبرّر قمع سلطات المنامة للمواطنين المعتصمين في دوار اللؤلؤة (الذي ارتأى الحكم البحريني إزالته – وذاكرته - من الوجود تحسّباً لتحوّله حيّزاً عاماً تعتصم فيه المعارضات)!

والأسباب المعطاة هنا وهناك متشابهة. فبين من يدعم نظام البعث السوري القابض على البلاد منذ العام 1963 والمشدّد قبضته الدموية منذ "الحركة التصحيحية" عام 1970 بحجّة "ممانعته" الخطابية (متبنّياً مقولاته المتهالكة عن اندساس ومندسّين ومآرب خارجية)، وبين من يروّج للكلام الرسمي البحريني الممجوج عن مؤامرات "فارسية" (في وقت يعرف أي متابع للشؤون البحرينية أن المشكلة سابقة للثورة الإيرانية ولمشاريعها التوسّعية، ومرتبطة بتمييز وتهميش داخليّين هدآ لفترة وجيزة بين العامين 2001 و2004، ثم عادا ليطلا بوحشية من جديد منذ سنين)، تتماثل ازدواجية المعايير لدى الطرفين وتظهر على حقيقتها الفاضحة.

ذلك أن وجود مشاريع خارجية – حتى ولو ثبت – لا يغيّر في شيء حق المواطنين والمواطنات بالعيش الكريم، وهو لا يلغي الانحياز لحرية الأفراد والشعوب. كما أن الديمقراطية لا تتجزّأ وِفق تَناسبها مع الولاءات السياسية والأحلاف الإقليمية، إلا إذا صار أكثر المسؤولين والمعلّقين في لبنان اليوم يدينون لمبدأ الكيل بمكيالين الذي نشأت أدبيات سياسية بحالها على أساس شتمه واعتباره اختصاصاً حصرياً أميركياً-غربياً. وعندها، يفيدهم أن يُعلنوا ذلك، وأن يقولوا إن ما يهمّهم من كل ما يجري هو استمرار الأنظمة الداعمة لهم وأفول الأنظمة المخاصمة لها، بمعزل عن الديمقراطية وعن الحريات، وبمعزل عن الثورات وثوّارها...
زياد ماجد