لا شك أن القوام السياسي الوطني لا يستقيم من دون تشكيل حكومة، وأن حضور القوى السياسية-الطائفية الكبرى في السلطة التنفيذية ضروري طالما أن فلسفة النظام كما توازن القوى الداخلي والإقليمي لا يتيحان تشكيل الحكومة أحادياً من قبل الأكثرية الفائزة في الانتخابات النيابية.
ولا شك أيضاً أن التحدّيات الأمنية والقانونية والاقتصادية التي يواجهها لبنان نتيجة التهديدات الخارجية، ونتيجة الهشاشة الداخلية والخلافات حول الخيارات الكبرى في البلاد تتطلّب حواراً جدّياً وبحثاً داخل المؤسسات حول سبل الحد من الاحتقان في الشارع والابتعاد (ولو مرحلياً!) عن حملات التخوين بانتظار التطورات الإقليمية وما ستحمله من انفراجات أو انفجارات.
وهذا كله يتطلّب تشكيل مجلس وزراء وإعادة الحياة الى المجلس النيابي، والعمل ولو بالحدّ الأدنى على تحويل "الستاتوكو" القائم من ستاتوكو متوتّر الى ستاتوكو هادئ يتيح بعض الحركة الاقتصادية من جهة، ويحدّ (نسبياً) من الإضرار الأمنية المتوقّعة إن تدهورت الأمور لاحقاً في المنطقة من جهة ثانية...
بهذا المعنى، ينبغي ألا يبقى هاجس تشكيل الحكومة – بعد تعذّره في التجربة السابقة رغم مفاوضات 70 يوماً – ضاغطاً على الأكثرية حكراً، يستدعي التنازلات المستمرة، طالما أن ثمة من يعتقد أنه في أي حال، وبمعزل عن السياسة، يستطيع أخذ ما يريد بالقوة.
فليؤخذ الوقت، ولتتشكّل الحكومة فقط حين يتم الاعتراف بأن يوماً إنتخابياً طويلاً قد جرى في لبنان، وأن ناخبي الأكثرية (السابقة والمتجددة) اندفعوا إليه لأسباب أغلبها مذهبي وطائفي لا شك، ولكن تحت شعار سياسي واحد هو رفض سيطرة حزب الله وحلفائه (في الخارج والداخل) على البلاد، ورفض جعل 7 أيار آخر مطاف المرحلة المنصرمة.
ليس بأي ثمن إذن. وليس من دون الإقرار أيضاً، أنه إضافة الى المأزق السياسي المتفاقم والى الأدوار الخارجية المؤثرة فيه، ثمة مآزق متأتّية من شكل النظام السياسي المعتمد ومن آليات تشكيل السلطة وصنع القرار فيها، وهي سابقة للأزمة الحالية، ومرافقة لها، وصار ملحّاً البحث فيها...
زياد ماجد