Saturday, April 26, 2025

نتذكّر سنوياً بداية الحرب ولا نتذكّر نهايتها

يتذكّر اللبنانيون دورياً تاريخ 13 نيسان 1975، تاريخ الهجوم على "بوسطة عين الرمانة" وبداية الحرب الأهلية، أو الحرب في لبنان، ويعدّون السنوات والعقود التي تفصل بينهم وبينه ليُقيموا الاحتفال السنوي به. وهم أحيوا قبل ايام ذكراه الخمسين، وعقدوا الندوات ونظّموا المعارض لهذا الغرض.

لكن ثمة أسئلة تفرض نفسها ربطاً بهذا التاريخ وبفلسفة إحياء ذكراه. ذلك أن استذكار الحروب يقوم عادة على الاحتفال بنهاياتها، أي بالأيام التي تُعدّ آخر أيام القتل فيها. هكذا تحتفل أوروبا مثلاً بتاريخَي انتهاء الحربين العالميتين الأولى والثانية. وهكذا أيضاً تحتفل أميركا بتاريخ انتهاء حربها الأهلية، ومثلها يحتفل البوسنيون بنهاية حرب يوغوسلافيا السابقة والإيرلنديون بالاتفاق الذي أنهى الحرب في بلفاست، والأمثلة كثيرة.

فما الذي يجعل الحالة اللبنانية استثنائية، أو بالأحرى يجعل تاريخ "احتفاليّتها" استذكاراً لبدء الحرب وليس لنهايتها؟ هل لأننا لا نملك أن نعتمد تاريخاً واحداً يحدّد نهاية الحرب، ويحظى بقبول أكثرية الفرقاء والمؤرّخين؟ هل لأن الحروب التي تتالت في سياق الحرب المندلعة في 13 نيسان 1975 وابتلعتها ووسّعت من إطارها وعدّلت من فُرقاء النزاع فيها وأفضت احتلالات خارجية للتراب اللبناني لم تنتهِ بعد؟

Tuesday, April 1, 2025

المصارف والإصلاح والإعلام البديل في لبنان

شهد لبنان في الأسبوع الأخير سلسلة تطوّرات أعادت رسم المشهد السياسي وتحالفاته المتحرّكة بحسب المواضيع المطروحة وأولويات القوى النافذة، أو صاحبة التأثير الأعمق في مسار الأمور.

ففي بضعة أيام، تراجع الكلام عن قضايا عديدة، أمنية وسياسية وإعمارية، ليتركّز على قضية تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان. وترافق ذلك مع حملة شنّتها وسيلة إعلام مرئي على موقعين إخباريّين بارزين، وأحيلت دعوى ضدّهما الى النيابة العامة، قبل أن يتمّ تعيين حاكم للمصرف بواسطة تحالف جمع لأول مرة منذ سنوات القوى السياسية الطائفية جميعها، بلا استثناء، بدعم من رئيس الجمهورية. 

هكذا، ظهرت مركزية "المسألة المصرفية" لبنانياً، وبانت قدرتها على جمع الأضداد في موقع واحد، بما يفرض إعادة نظر في التحليل الكلاسيكي لبعض خصائص الانقسامات والتحالفات السياسية والطائفية وأسبابها الخارجية والداخلية.