يتذكّر اللبنانيون دورياً تاريخ 13 نيسان
1975، تاريخ الهجوم على "بوسطة عين الرمانة" وبداية الحرب الأهلية، أو
الحرب في لبنان، ويعدّون السنوات والعقود التي تفصل بينهم وبينه ليُقيموا الاحتفال
السنوي به. وهم أحيوا قبل ايام ذكراه الخمسين، وعقدوا الندوات ونظّموا المعارض لهذا
الغرض.
لكن ثمة أسئلة تفرض نفسها ربطاً بهذا التاريخ وبفلسفة إحياء ذكراه. ذلك أن استذكار الحروب يقوم عادة على الاحتفال بنهاياتها، أي بالأيام التي تُعدّ آخر أيام القتل فيها. هكذا تحتفل أوروبا مثلاً بتاريخَي انتهاء الحربين العالميتين الأولى والثانية. وهكذا أيضاً تحتفل أميركا بتاريخ انتهاء حربها الأهلية، ومثلها يحتفل البوسنيون بنهاية حرب يوغوسلافيا السابقة والإيرلنديون بالاتفاق الذي أنهى الحرب في بلفاست، والأمثلة كثيرة.
فما الذي يجعل الحالة اللبنانية استثنائية، أو بالأحرى يجعل تاريخ "احتفاليّتها" استذكاراً لبدء الحرب وليس لنهايتها؟ هل لأننا لا نملك أن نعتمد تاريخاً واحداً يحدّد نهاية الحرب، ويحظى بقبول أكثرية الفرقاء والمؤرّخين؟ هل لأن الحروب التي تتالت في سياق الحرب المندلعة في 13 نيسان 1975 وابتلعتها ووسّعت من إطارها وعدّلت من فُرقاء النزاع فيها وأفضت احتلالات خارجية للتراب اللبناني لم تنتهِ بعد؟