Sunday, September 22, 2024

الياس خوري، الراوي والرواية

(الى يامن...)

 

كثيرة هي سيَر الياس خوري.

فالرجل الذي التقيتُه العام 1994، وكان مديراً لـ"مسرح بيروت" ورئيسَ تحريرٍ لـ"ملحق النهار الأدبي"، لم يتوقّف يوماً عن العمل والمبادرة والكتابة منذ شبابه المبكر.

كأنه كان في سيَره روايةً مستقلّة عن راويها، أو بالأحرى كأنه كان في سيَرِه، روايته المكتملَة المشتهاة.

من الشبيبة الأرثوذوكسية والمطران جورج خضر، الى حركة فتح وكتيبتها الطلابية أواخر الستينات، الى الدراسة في الجامعة اللبنانية ثم في فرنسا، الى مجلة "مواقف" ثم الحرب الأهلية ومجلّة "شؤون فلسطينية" مع محمود درويش، الى جريدة "السفير" التي تولّى تحرير صفحتها الثقافية قبل أن تُخرجه تبعات حرب المخيمات العام 1985 وهيمنة النظام السوري على "بيروت الغربية" ثم على كل لبنان تدريجياً منها، وصولاً الى "مسرح بيروت" و"ملحق النهار" في التسعينات، تتابعت سيَر الياس وعجّت حقباتها بالأشخاص والأحداث الجسام.

بموازاة ذلك، كان الروائي يبني تجربةً تتوالى فصولها، وتتعدّد أشكالها ومضاميرها، ولَو أنها اتخّذت على الدوام من فلسطين وقصص نكبتها، ومن حرب لبنان وجغرافيتها ومن أبطالها ولصوصها، ومن عوالم الأحلام والكوابيس والشعر العربي الذي حفظه عن ظهر قلبٍ أرضاً لها وفضاءً، تعدّدت نجومه تَعدُّد صداقات الياس وأمزجته وأهوائه وخساراته الشخصية.

Wednesday, September 11, 2024

حروب فلسطين والمنطقة العربية والمواقف من الأعداء والحلفاء

يشهد "الشرق الأوسط" حروباً متعدّدة ومتداخلة في رقعها الجغرافية وفي تعدّد الفاعلين وكثرة الجبهات التي ينخرطون فيها.

الحرب الأولى، هي حرب إسرائيل على الوجود الفلسطيني، المستمرّة منذ 77 عاماً، والمتصاعدة بعد العام 2021 والمتحوّلة منذ أحد عشر شهراً في غزة الى "حرب إبادة". 

الحرب الثانية، هي حرب التوسّع الإيراني، بعد العام 2003 تحديداً، المستغلّة صراعات أهلية وتصدّعات وطنية في العراق، حيث استفادت أيضاً من نتائج الغزو الأمريكي، وفي سوريا ولبنان واليمن، لبسط سيطرة جزئية أو هيمنة لطهران عبر حلفاء أقوياء في مواضع استراتيجية توصلها الى البحر المتوسّط وباب المندب وحدود إسرائيل.

الحرب الثالثة، هي حرب الاستبداد أو حرب الثورات المضادة المُفضية ابتداءً من العام 2011 الى انقلابات واغتيالات واعتقالات طالت عشرات الألوف من البشر، في البحرين ومصر وتونس، وأدّت الى نزاعات مسلحة طاحنة لم تنتهِ بعد في ليبيا والسودان. تدخّلت في هذه الحرب مباشرة أو من خلال قوى محلّية الإماراتُ والسعودية، بعد أن كانت قطر وتركيا، وأحياناً أمريكا ودول أوروبية، دعمت لفترة عدداً من الثورات أو محاولات التغيير لأسباب تخصّ أجنداتها الإقليمية والدولية.

الحرب الرابعة، المتقاطعة مع الحربين الثانية والثالثة، هي حرب النظام السوري على أكثرية السوريين، وهي حرب تبدّلت فيها أدوارٌ وتغيّرت بعض التحالفات، وأدّت الى تدمير البلد وقتل وتهجير واعتقال أكثر من نصف سكّانه، واحتلال أراضيه المفتّتة من قبل روسيا وإيران وأمريكا وتركيا، إضافة الى استمرار احتلال إسرائيل لجولانه.

وتخترق ديناميّتان بعض هذه الحروب بأشكالها ومستوياتها وتحالفات المشاركين فيها على تعدّد مواقعهم واختلاف حساباتهم: دينامية صراع إيراني إسرائيلي يرتبط بملّف طهران النووي؛ ودينامية صراع إيراني سعودي من جهة وإماراتي سعودي قطري تركي من جهة ثانية، يرتبط كلّ منهما بقضايا توسيع النفوذ وإرساء المعادلات السياسية والاقتصادية في المنطقة.