يعيش لبنان منذ أكثر من سبعة أشهر حالة حرب مُعلنة، قتلت المئات من أبنائه ودمّرت أحياء في قرى وأحرقت بالفوسفور الأبيض أراضيَ زراعية في جنوبه، ملوِّثةً التربة لسنوات طويلة مقبلة. وهي هجّرت فوق ذلك أكثر من ثمانين ألف شخص، مُنهية العام الدراسي لجيل كامل من التلامذة المغادرين قراهم الحدودية.
على أن الحرب هذه، بين إسرائيل وحزب الله، تبدو في أغلب الأحيان، إن راقبها الواحد من خارج البلد أو من مناطق داخله بعيدة قليلاً عن مسرح عمليّاتها المباشر، وكأنها تدور في بلدٍ آخر. كأن شريط الجنوب الحدودي والمساحات المتاخمة له في مكان لا صلات عضوية لباقي لبنان بها أو لا تماس حياتياً مع أهلها، رغم أن أبعد نقطة في البلد الصغير عن الحدود الجنوبية بالكاد تتخطّى الـ200 كيلومتر.