Tuesday, March 15, 2016

خمس سنوات على انطلاق الثورة السورية: حوار في صحيفة المصري اليوم

أجرى الصحافي رضا غنيم من "المصري اليوم" هذا الحوار معي حول أحوال سوريا وكفاح شعبها والصراعات الإقليمية والدولية عليها وأسباب تمنّع سقوط نظام الأسد حتى الآن وصعود "داعش" ومواقف المثقّفين العرب والقوى اليسارية العربية من الثورة السورية، عشية ذكرى انطلاقها الخامسة.

- كيف تقرأ المشهد في سوريا بعد 5 سنوات على خروج الشعب ضد النظام الحاكم؟

شهدت سوريا في السنوات الخمس الماضية خمس حقبات تدرّجت فيها الأمور من ثورة شعبية سلمية الى كفاح مسلّح الى حرب شاملة ثم الى مجموعة تدخّلات عسكرية خارجية حوّلت الساحة السورية الى ما يمكن تسميته بالحرب الكونية.
الحقبة الأولى من مارس الى أغسطس 2011، كانت حقبة مظاهرات وتجمّعات سلمية تنادي بإسقاط النظام ورحيل آل الأسد من الحكم بعد 41 عاماً على استيلائهم على السلطة بانقلاب عسكري وفرضهم حُكماً مستبدّاً أطاح بالحرّيات العامة والخاصة وبحقوق الإنسان في سوريا. وقد ردّ النظام على هذه المظاهرات والتجمّعات السلمية بالقتل والاعتقال، فتخطّى عدد الضحايا الـسبعة آلاف والمعتقلين والمفقودين العشرين ألفاً في ستة أشهر.
الحقبة الثانية من سبتمبر 2011 الى أغسطس 2012، كانت حقبة سير المظاهرات السلمية بموازاة بروز كفاح مسلّح ضد النظام، قوامه منشقّون من الجيش رفضوا إطلاق النار على شعبهم، ومتطوّعون حملوا السلاح لحماية المتظاهرين وللتصدّي لقوافل النظام العسكرية في عدد من المناطق. وقد شكّل هؤلاء ما عُرف باسم "الجيش السوري الحرّ". وانتهت هذه الحقبة بسيطرة "الجيش الحر" على عدد من المناطق
الحدودية مع تركيا والعراق والأردن، وعلى بعض المدن والبلدات في محيط العاصمة دمشق كما على أحياء عدّة من مدينتَي حلب وحمص. وعرفت الحقبة إياها بدء تنفيذ ميليشيا الشبيحة (أي النسخة السورية الأكثر شراسة من البلطجية) مجازر طائفية في عدد من المناطق المختلطة في سوريا، راح ضحيّتها المئات من المدنيّين وتصاعد على إثرها الخطاب الطائفي في البلاد. كما عرفت تدّخلات إيرانية دعماً للنظام وتمويلاً لآلته الحربية.
الحقبة الثالثة من سبتمبر 2012 ولغاية أغسطس 2013، كانت حقبة تحوّل الكفاح المسلّح الى حرب شاملة، نتيجة استخدام النظام كافة أسلحته في مواجهة "الجيش الحر" والمدنيّين في المناطق التي حرّرها. استُهلّت هذه المرحلة بدخول سلاح طيران النظام وصواريخه البالستية المعركة، وتحويلها بلدات وأحياء مدينية الى ركام. واستمرّت خلالها مجازر الشبّيحة ضد مئات المدنيّين، كما استمرّت الاعتقالات والاغتيالات لأبرز الناشطين السلميّين المعارضين. وشهدت هذه المرحلة أربعة تطوّرات هامة: الأول، بدء صعود القوى الإسلامية السورية المقاتلة ضد النظام بموازاة "الجيش الحر"، والثاني هو بروز "جبهة النصرة" الجهادية عسكرياً في بعض المناطق الشمالية والشرقية حيث تسلّل المئات من الجهاديّين الأجانب عبر الحدود التركية والعراقية، والثالث هو تأسيس "داعش" وسعيها من العراق لضمّ "النصرة" الى صفوفها، الأمر الذي رفضته الأخيرة، فانقسم الجهاديون، وانضمّ قسم كبير منهم الى "داعش". والحدث الرابع هو تدفّق الآلاف من المقاتلين الشيعة الى سوريا لمساندة نظام الأسد بتمويل ودعم من إيران. هكذا وصلت ميليشيات "أبو الفضل العباس" و"عصائب أهل الحق" العراقية و"حزب الله" اللبناني ثم "لواء الفاطميّين" الأفغاني-الباكستاني. وقد انتهت هذه المرحلة الشديدة الدموية باستخدام النظام السوري السلاح الكيماوي ضد المدنيّين في غوطة دمشق الخارجة عن سيطرته، حيث قتل ليل 21 أغسطس أكثر من 1500 مدني بغاز السارين. ورغم نفيه امتلاك أسلحة كيماوية، إلا أن النظام عاد ووافق على تسليم أكثر من 800 طنّ من مخزون السارين الى الأمم المتّحدة انصياعاً لاتّفاق روسي أميركي جنّبه التعرّض لعقوبات عسكرية وسياسية دولية. وقد فتح هذا الاتفاق مرحلة جديدة في الصراع في سوريا مفاده السماح بالقتل بكلّ أنواع الأسلحة باستثناء الكيماوي، ومفاده أيضاً ترك الشعب السوري يواجه الموت اليومي من دون اكتراث دولي كبير. وهو أمر سيستفيد منه النظام كما القوى الجهادية العدمية التي ستستقطب المزيد من الجهاديّين وتبدأ لاحقاً بالتمدّد في سوريا.
الحقبة الرابعة امتدّت من سبتمبر 2013 ولغاية آغسطس 2014، وهي مرحلة صعود "داعش" بعد قتال ضار واجهت فيه "الجيش الحر" والقوى الإسلامية السورية وسيطرت على إثره على محافظتَي الرقة ودير الزور اللتين كان "الجيش الحر" والإسلاميون السوريون قد حرّروها من النظام. وقد أراح هذا الصعود نظام الأسد الى حدّ كبير لسببين: الأول أنه أنهك "الجيش الحر" والثاني أنه صار بمقدوره القول للعالم إن الخيار أضحى بينه وبين "داعش".
الحقبة الخامسة من سبتمبر 2014 ولغاية اليوم، هي حقبة التدخّلات العسكرية الدولية المباشرة، بدءاً من التدخّل الأميركي الغربي الجوّي ضد "داعش" وصولاً الى التدخّل الروسي في سبتمبر 2015 ضد "الجيش الحر" والقوى الإسلامية السورية و"النصرة". وتخلّل هذه الحقبة تصاعد في الصراعات الإقليمية بين إيران والسعودية وانعكاس ذلك سورياً، وتخلّله أيضاً تمكّن الميليشيات الكردية من السيطرة على مناطق شمالي سوريا بعد قتال خاضته بدعم أميركي ضد "داعش" وبدعم روسي ضد "الجيش الحر" والإسلاميين السوريين. وقد أقلق الأمر تركيا وجعلها تتحرّك ميدانياً وسياسياً لمواجهة الأمر.

هكذا، تحوّلت الثورة السورية من انتفاضة شعبية سلمية الى كفاح مسلّح فحرب شاملة وصولاً الى صراع كوني على سوريا.
على أن الثابت الأساسي في كل هذه التطوّرات ظلّ المعادلة التالية: أكثرية شعب تريد الخلاص من نظام مستبدّ مارس العنف الهمجي واستدعى الى سوريا ميليشياتٍ ودولاً لدعمه وأتاح لميليشيات أخرى أن تتشكّل وأن تستفيد من الفوضى التي خلقها لتمارس إرهابها على السوريين، هذا إضافة الى كشفه سوريا أمام مختلف أنواع التدخّلات الدولية والنزاعات الإقليمية.
المحصّلة، خراب فظيع وأكثر من 250 ألف قتيل مدني، وأكثر من مليون مفقود ومعتقل وجريح، وقرابة الـ11 مليون نازح (خمسة ملايين منهم صاروا خارج سوريا)، أي أكثر من نصف سكّان سوريا اليوم نُكبوا نكبة مباشرة.


- ما هي مؤدّيات الهدنة التي أُعلن عنها قبل أيام (في 27 فبراير)؟

الهدنة تأتي في سياق تنسيق روسي أميركي يهدف الى تجميدٍ مؤقّت للعمليات العسكرية بين النظام الأسدي والمعارضة المسلّحة وتخفيف لوتيرة الغارات الروسية، وتسهيل مرور قوافل إغاثة أمميّة الى المناطق التي يحاصرها النظام منذ سنوات (والتي يبلغ تعداد سكّانها قرابة المليون نسمة إن في محيط دمشق وغوطتها أو قرب الحدود مع لبنان أو في مدينة حمص وريفها). وهي بهذا المعنى تُتيح لبعض المدنيّين استراحةً وتحسّناً ولو مؤقّتاً في ظروفهم المعيشية والصحية. لكن هذه الهدنة هشّة وشديدة الالتباس لجهة استمرار الروس والنظام بقصف قوى يسمّونها "إرهابية"، واستمرار الأميركيين بقصف "داعش" واستمرار الأخيرة بالتحرّك عسكرياً على أكثر من جبهة، لا سيّما في دير الزور وريفَي حلب الشمالي والجنوبي الشرقي. كما أنها هدنة من دون أفق سياسي واضح يُفضي الى حلٍّ ما في سوريا رغم الدعوات لانعقاد اجتماعات ومفاوضات في جنيف هذا الشهر.
ويمكن أن نلاحظ أمراً هاماً طرأ عند حصول الهدنة، هو عودة الروح الى الحراك المدني السلمي المعارِض للنظام، إن في داريا قرب دمشق أو في أحياء حلب الشرقية أو في العديد من البلدات الشمالية والجنوبية، وتظاهر المئات من المواطنين في عود على بدء يُعلي شعار "إسقاط النظام". وهذا يُشير الى دينامية سياسية لم تقضِ عليها الحرب، ويمكنها أن تستعيد المبادرة ما أن تتوقّف طائرات النظام وروسيا عن إسقاط أطنان المتفجّرات عليها.

- لماذا صمد نظام بشار الأسد كل هذه الفترة مقارنة بغيره من الأنظمة العربية (ليبيا على سبيل المثال)، وما الفارق بهذا المعنى بين سوريا وباقي الدول العربية (مصر وتونس على سبيل المثال)؟

لتفسير أسباب استمرار النظام الأسدي اليوم واختلاف سوريا عن باقي الحالات العربية، تفيد الإشارة الى أربع مسائل أساسية. 
الأولى هي البُنية الأمنية – العسكرية للنظام التي لا تشبه إلا مثيلتها في عراق صدّام حسين سابقاً. أي أن هذه البنية هي نفسها السلطة الفعلية، ومركزها أجهزة مخابرات ومؤسّسات قمعية تقوم على ولاء شديد لشخص الرئيس لأسباب طائفية ومنفعية. وهي أجهزة ومؤسسات صمّمها والد بشار الأسد، حافظ، وجعلها متماسكة دفاعاً عنه وعن نفسها وفق عقيدة معاداة للمجتمع السوري وواجب قهرٍ له وضبط. والأجهزة نفسها مطلقة الصلاحيات في ظلّ حال طوارئ قائم منذ نصف قرن، وفي ظلّ بند دستوري يسمّي حزب البعث (حزب الرئيس) على أنه "قائد الدولة والمجتمع". النتيجة أن هذه الأجهزة شديدة البطش وتدافع عن نفسها دون مخافة الانفجار الشامل في البلاد فتستخدم كلّ مقدّرات الدولة لتدمير المجتمع الثائر عليها وإبادته، بالمعنى الحرفي للكلمة. وهذا يختلف تماماً عن حال تونس وأجهزتها العسكرية والأمنية مثلاً، التي آثرت تجنّب الصدام الشامل وقبلت بتأمين استمرار الدولة وانتقال السلطة داخل مؤسساتها.
المسألة الثانية هي الطائفية في سوريا. فعلى عكس دول المغرب العربي، تُعدّ هذه المسألة
من المسائل الشديدة التعقيد إن على صعيد الدولة أو على صعيد المجتمع والموزاييك الطائفي فيه. والنظام السوري الأسدي منذ تأسيسه العام 1970 لعب على هذه المسألة، وحوّل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها (وتشكّل 10 في المئة من السكان) الى طائفة سياسية يجنّد قسماً كبيراً من رجالها في الجيش والمخابرات وسائر الأجهزة الأمنية، ويسعى الى صهرها في بوطقة واحدة تؤمّن له قاعدة صلبة. وقد عطف على الأمر ولاءً من رجالها في المواقع الأمنية والعسكرية البارزة لعشيرته أو لعائلته. ولنتذكّر أن حافظ الأسد نجح في تمرير توريثٍ للرئاسة هو الوحيد في إطار جمهوري في العالم العربي، وهذا ما أنتج حُكم بشار. ولنتذكّر أيضاً أن شقيق بشّار، ماهر، هو قائد الفرقة الرابعة في الجيش الأكثر تجهيزاً، وأن ابنَي خاله وعمّته حافظ مخلوف وذو الهمة شاليش هما من رؤساء الأجهزة المخابراتية الأبرز في النظام، وأن صهره آصف شوكت (الذي قُتل العام 2012) كان أحد أقوى مسؤولي المخابرات العسكرية، وأن ابن خاله رامي مخلوف هو الرجل الأغنى في سوريا وصاحب الامتيازات في أكثر المجالات الاقتصادية. كما أن العديد من أقاربه هم محافظون ومسؤولون في الدولة.
وعطف النظام على سياسته "العلوية" (والعائلية)، إذا صحّ التعبير، سياسةً طائفية أخرى هدفها التقرّب الى باقي الأقليات في سوريا (المسيحيون 5 في المئة، الدروز 3 في المئة، والاسماعيليون 1 في المئة) لادّعاء أنه حاميهم من الأكثرية المسلمة السنية. كما أتاح لبرجوازية سنّية مدينية الانتفاع من سنوات الانفتاح الاقتصادي الذي اعتمده بعد انهيار الاتحاد السوفياتي حليفه السابق، فاستفادت من الأمر وزادت من تهميش البرجوازية السورية التقليدية أو فئات منها.
إضافة الى ذلك، لعب النظام على الدوام على المسألة الكردية (يشكّل الأكراد 10 في المئة من سكان سوريا تقريباً وكانوا على الدوام محرومين من الكثير من حقوقهم الثقافية والسياسية)، فوظّفها خارجياً لابتزاز تركيا ووظّفها داخلياً لخلق توتّرات عربية كردية يبدو فيها على الدوام صاحب الكلمة الفصل.
وهذا كلّه أدّى الى شرذمة المجتمع وتعريضه الدائم للعنف الفائق البربرية كلّما حاول أن ينتفض (كما حصل في العام 1982 في مدينة حماة حيث قُتل الآلاف وكما حصل في السجون المروّعة – تدمر وفرع فلسطين). فتحوّلت سوريا مثلما يسمّيها المعارضون التاريخيون من أمثال رياض الترك الى "مملكة الخوف". ولم يكن سهلاً بالتالي هدم أسوار هذه المملكة دفعة واحدة.
المسألة الثالثة والحاسمة التي أنقذت النظام هي التدخل الدولي الذي صبّ في مجمله لصالحه، على عكس ما يظنّ كثيرون. ففي مقابل دعم سياسي وإعلامي للمعارضة من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وفي مقابل أسلحة خفيفة ومعدّات لوجستية (رشّاشات ومضادات دروع وأجهزة اتّصال وقذائف مدفعية) أرسلتها تركيا وقطر والسعودية الى بعض كتائب "الجيش الحر" والى الفصائل الإسلامية "المعتدلة"، عطّلت روسيا مجلس الأمن الدولي واستخدمت الفيتو خمس مرّات لمنع إدانة النظام ومعاقبته، وقدّمت الى الأسد بالتعاون مع إيران أسلحة حديثة ومنظومات صواريخ ودبابات وآليات نقل مدرّعة وقطع غيار للطائرات والطوّافات، ووضعت في خدمته ابتداءً من العام 2013 طائرات بلا طيّار. كما أنّ إيران دفعت بحوالي 20 ألف مقاتل من حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية، وأكثر من ألف مدرّب وخبير عسكري إيراني الى الأراضي السورية لحمايته. واستفادت موسكو وطهران بشكل خاص من الحظر الأميركي على الأسلحة المضادة للطائرات الى المعارضة (بحجة الخشية من وقوعها في أيدي "النصرة" و"داعش")، لتحوّل سلاح الجو السوري الى السلاح الأول في المعركة... ومع ذلك، كان النظام قريباً من السقوط في صيف العام 2015، حيث اقتصرت سيطرته على 20 في المئة من الأراضي السورية واعترف الأسد نفسه في خطابه في يوليو أن جيشه منهك وأنه في نقص بشري يقتضي إعادة تنظيم الجبهات ومناطق الاشتباك. وهذا كان واحداً من الأسباب التي دفعت الى تعجيل التدخّل الروسي المباشر وتنفيذ الروس آلاف الطلعات الجوية التي استهدفت المعارضة بدءاً من آخر سبتمبر.
المسائل المذكورة مجتمعة أنقذت النظام إذاً من السقوط وتسبّبت بتعميم الموت في سوريا.

- ما هي المصالح التي دفعت روسيا وإيران للوقوف مع الأسد؟ وما مصلحة السعودية وقطر وتركيا وأمريكا في إسقاطه؟

روسيا حليف قديم لنظام الأسد، من أيام الاتحاد السوفياتي. ولها مصالح إقتصادية واستثمارات في سوريا ولها سوق سلاح هو السابع حجماً بالنسبة لصناعاتها العسكرية. يضاف إلى ذلك أن روسيا شرعت منذ سنوات في توسيع قاعدتها العسكرية على الشاطئ السوري قرب طرطوس وكانت تنوي جعلها قاعدة كبرى في البحر المتوسّط. الأهمّ ربما أن موسكو تعتبر دمشق حليفها الأخير في المنطقة (بعد سقوط نظامَي صدّام والقذّافي) وأنها إذ تحمي هذا الحليف الأخير تُظهر حزماً في مواجهة الدول الغربية والإقليمية يسمح لها بالتزامن مع تداعيات الأزمة الأوكرانية بالعودة بقوة الى الحلبة الدولية.
أما إيران، فحلفها مع نظام الأسد بدأ العام 1980 بعد صعود الخميني الى السلطة ولحظة بدء الحرب العراقية الإيرانية. وسوريا بالنسبة الى طهران ممرّ الى لبنان حيث حزب الله، حليف إيران الأقوى في المنطقة، وحيث الحدود مع إسرائيل بما يجعل إيران في قلب أحداث الشرق الأوسط. إضافة الى ذلك، فإن إيران صارت بعد العام 2003، عام الغزو الأميركي للعراق، القوّة الأكثر نفوذاً في بغداد، مما يعني أن سوريا تؤمّن لها عمقاً استراتيجياً وقوساً من النفوذ يمتد عبر بغداد فدمشق حتى البحر المتوسّط ثم حتى حدود لبنان الجنوبية.
روسيا وإيران تدافعان بهذا المعنى عن نفوذهما وتسعيان الى هزيمة منافسيهما في سوريا لتأكيد سطوتهما العالمية (في الحال الروسية) والإقليمية (في الحال الإيرانية).

بالنسبة للسعودية، إسقاط الأسد يعني إسقاط النفوذ الإيراني في بلد ذي غالبية سنّية مهمّشة، ويعني إظهار قدرة الرياض على التصدّي لطهران ومنعها من المزيد من التوسّع في المنطقة. أما بالنسبة لقطر وتركيا، فإسقاط الأسد تكريس لتنامي دوريهما في الشرق الأوسط وردّ على تنكّر الرئيس السوري لمساعداتهما السياسية والاقتصادية لنظامه بين العامين 2001 و2010. وبالطبع لتركيا تركيز خاص على الشمال السوري حيث تتواجد الأقلية الكردية السورية.
في ما يخصّ أميركا، لا يبدو إسقاط الأسد أولوية، على خلاف ما يظنّ دعاة نظرية المؤامرة. فالحظر على الأسلحة المضادة للطيران التي كانت السعودية تنوي إرسالها للمعارضين العام 2012، واستمرار الحظر حتى هذا اليوم، أمدّا بعمر النظام. كما أن التسوية مع روسيا بعد المجزرة الكيماوية التي ارتكبها الأسد صيف العام 2013 عوض التدخّل ضده، على ما هدّد أوباما، أعطت الأسد حياة ثانية. ومشاورات كيري لافروف الراهنة وكلّ ما يرشح عنها تظهر هاجساً أميركياً رئيسياً في سوريا: محاربة "داعش" وليس محاربة الأسد. أما التصريحات والمواقف العامة الداعية إياه للرحيل والمتحدّثة عن سقوط مشروعيّته فهي غير مُستتبعة بإجراءات تترجمها الى وقائع. هذا لا يعني أن واشنطن تريد بقاء الأسد. لكن مغادرته أو بقاءه بالنسبة إليها يرتبطان بسلّة اتّفاقات مع طهران وموسكو وبمشروطية "الحرب الدولية على الإرهاب"، وليسا بالتالي قضيةً مبدئيّة.


- كيف تقرأ إعلان السعودية وتركيا التدخل البري في سوريا؟

أظنّ الإعلان أقرب الى التهديد منه الى إمكانية التدخّل السريع. لكن إذا استمرّ الصراع على حاله فترة أطول، يمكن توقّع تحرّكات جدّية. من الجهة السعودية، ترى الرياض أن إعلان الحرب على "داعش" من منطلق مشروعيّةٍ مذهبية سنّية وعربية هو الردّ المناسب الذي يقطع الطريق على مزايدات الإيرانيين حول الإرهاب وعلى اتّهامها بمهادنته أو تغذيته. فإن حصل الأمر وأرسلت السعودية قوات برّية للتقدّم باتجاه معاقل "داعش"، أصبحت المملكة لاعباً مباشراً على المسرح السوري وصار لها اشتراطات حول أشكال الحلّ اللاحق فيه بما لا يُبقي طهران اللاعب الأقوى. أما بالنسبة لتركيا، فالتلويح بالتدخّل يستهدف القوى الكردية المسلّحة بشكل خاص. ومن خلال عمليّات ضدها وضد "داعش" يمكن لأنقرة أن تفرض مع الوقت منطقة "آمنة" كما تسمّيها على حدودها (حيث ينتشر الطرفان راهناً). لكن طبعاً دون ذلك مصاعب عدّة، منها الرفض الروسي للأمر، وتردّد "حلف شمالي الأطلسي" تجاهه كي لا يتحوّل إن حصل الى مواجهة واسعة مع الروس. لذلك، لا أظنّ ترجمة الإعلان هذا قريبة أو يسيرة، ولَو أنها ممكنة إذا تدهور الوضع الميداني من جديد وظلّ من دون ضوابط سياسية.

- ماذا عن موقف مصر من الأزمة، وهل يمكن ان يكون لها دور في حلّها؟ (يشار هنا إلى رفض مصر التدخل عسكريًا)

تبدّل موقف مصر الرسمي بعد تبدّل السلطات فيها. ففي عهد الرئيس محمد مرسي كان الموقف داعماً في السياسة للثورة السورية ولكن من دون دعم عينيّ أو تدخّل مباشر. وبعد تولّي الفريق السيسي الرئاسة تبدّل الموقف وصار أقرب الى الموقف الروسي، ولَو من دون قطيعة مع مواقف السعودية. وقد تكون الخارجية المصرية في الفترة الأخيرة معنية أكثر بالحالة الليبية منها بأحوال سوريا، وذلك لأسباب أمنية. أما أدوار مصر المستقبلية وتأثيرها في توازنات المنطقة وقضاياها، فلا أظنّها بصراحة فرضيّة متاحة على المديين القصير والمتوسّط، لأسباب عديدة، أوّلها أوضاع مصر الداخلية.

- قلتَ في تصريح سابق إنه لا يمكن القضاء على داعش دون الإطاحة بالأسد. كيف؟

لنشوء "داعش" ثم تمدّدها أسباب عدّة. منها آثار حلّ الدولة في العراق الذي طبّقه الأميركيون بعد اجتياحهم، واستبدال هيمنة البعث والنخب الحاكمة سابقاً بهيمنة جديدة لأحزاب وشخصيات شيعية معظمها حليف لإيران ومتعاون مع الأميركيين ("المجلس الأعلى للثورة العراقية" و"حزب الدعوة" وغيرهما من القوى). وقد ولّد الأمر غضباً عربياً سنياً في وسط العراق استفادت منه داعش في صيغتها الأولى (بين العامين 2006 و2012) واستقطبت العديد من البعثيّين السابقين المُبعدين من المؤسسات، لا سيّما المؤسسة العسكرية. ومن هذه الأسباب أيضاً، الانقسامات في صفوف "القاعدة" وانضمام بعض كوادرها الى "داعش". ومنها أيضاً دعم شبكات سلفية جهادية خليجية لـ"داعش"، ومنها كذلك انهيار الأوضاع في سوريا ثم احتلال "داعش" مناطق واسعة فيها وفي العراق واستيلائها على ثروات ومستودعات ذخيرة في البلدَين ومتاجرتها بالآثار والنفط مع مافيات وعبر قنوات متعدّدة الجنسيات. على أن أحد أهمّ أسباب الصعود "الداعشي"، وليست صدفة أن يكون العراق وسوريا موضع ذلك ثم ليبيا منذ مدّة، هو أن الأنظمة في البلدان الثالثة هذه (أنظمة صدّام والأسد الأب ثم الإبن والقذافي) حطّمت الحقل السياسي بالكامل واعتمدت العنف الضاري بديلاً عن السياسة ولم تترك للناس أي إمكانية تعبير أو انتظام سياسي أو ثقافي. وهذا أدّى الى بروز التيارات العدمية الداعية الى العنف و"الجهاد" والى ظهور ممارسات وسياسات تسلّط لديها تشبه تماماً ممارسات الأنظمة الثلاثة المذكورة.
لكلّ ذلك، لا يمكن محاربة "داعش" من خلال أنظمة تشبهها لا بل تفوقها عنفاً وإرهاباً كنظام الأسد. كما لا يمكن لمن حكم نظامه منذ 45 عاماً وتسبّب بمعظم مآسي السوريين (ومعهم اللبنانيين والفلسطينيين في البلدَين)، وتسبّب عنفه الأعمى منذ خمس سنوات بدمار سوريا، أن يكون بديلاً عن قوّة إرهابية عدمية تسبّب هو بصعودها وسيطرتها على مناطق قصفها وهجّر أهلها. فمزيد من الأسد يعني المزيد من "داعش" أو من ظواهر أخرى تشببها. ورحيل الأسد ونظامه يسمح لأي إجماع وطني سوري جديد أن يعتبر الحرب على "داعش" أولويةً وحرب تحرير. أما أن يبقى المسؤول عن قتل وجرح واختطاف وتعذيب وتهجير ملايين السوريين في السلطة، ففي الأمر وصفة نموذجية لتعميم الغضب والإحباط ورفض العالم و"مظالمه"، وبالتالي لتدعيم "داعش". وفي أي حال، يستحق السوريّون الخلاص من القمع ومن الإرهاب. وإلا فلا حلّ أبداً، وستنفجر الأمور بعنف أشدّ في مرحلة لاحقة.

- السوريون يقفون اليوم أمام حلّين أحلاهما مرّ: النظام الديكتاتوري والإسلاميين الإرهابيين (داعش والنصرة). ما الحل في رأيك، وكيف تقيّم هذا الطرح؟

ليست هذه المعادلة دقيقة لعدّة أسباب. أوّلها أنه لا يمكننا اختصار سوريا بنظام قاتل وبإرهابيّين جهاديين. وثانيها أن الإسلاميين السوريّين (ولا أتحدّث بالطبع عن "داعش"، ولا حتى عن "النصرة") ليسوا جميعاً متطرّفين أو داعين للعنف. وثالثها أن في سوريا تنوّعاً طائفياً وثقافياً واجتماعياً ومناطقياً لا يسمح في أوضاع سلمية لأطراف تُعلي إيديولوجيا سياسية دينية بالهيمنة.
والأهم ربما أن السوريّين ثاروا ليرفضوا الابتزاز الدائم الذي مارسه النظام عليهم: القبول بالقمع أو الفوضى، الإستبداد أو الإرهاب، المذلّة أو الموت.
الحلّ برأيي سياسي، يبدأ باتفاقات دولية وعربية عبر استخدام كل أنواع الترغيب والترهيب مع روسيا وإيران للتخلّي عن الأسد ونظامه، والتوافق على تشكيل مجلس سوري تأسيسي يعيد صياغة الدستور ويحضّر لانتخابات ويعيد تشكيل المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية ليتمثّل فيها مسؤولون من مختلف الأطراف السورية المتصارعة اليوم، غير المتّهمين بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. ويترافق ذلك مع دعم السوريّين سياسياً واقتصادياً للنهوض من جديد ومع شنّ حرب تحرير ضد "داعش" ومثيلاتها، ومع تحويل الملف السوري الى محكمة الجنايات الدولية لكي يتحمّل المسؤولون عن المجازر التي وقعت والتي وثّقت الكثير منها جمعيات حقوقية سورية ومنظمات دولية ولجان أمميّة.


- كيف تقيّم مواقف اليسار العربي تجاه ما يحدث في سوريا؟ وكيف كانت مواقف المثقفين العرب عامة تجاه أزمة سوريا؟

مواقف الكثير من أطياف اليسار العربي وجزء كبير من المثقفين العرب تُراوح بين الصمت تجاه المقتلة السورية وتأييد النظام الأسدي. لكن التعميم بالطبع غير جائز، فثمة قوى وشخصيات يسارية وقفت منذ البداية وما زالت الى جانب الثورة السورية، وثمة قامات ثقافية عربية كثيرة رفعت صوتها ضد الفاشيات القاتلة في سوريا.

ويمكن إحالة مواقف الكثير من اليساريّين الملتبسة أو المنحازة للأسد، ومعهم العديد من المثقّفين، الى أسباب أربعة.
الأول هو ابتعادهم عن الناس "العاديّين"، وعدم اكتراثهم بمصائر هؤلاء وبكراماتهم وحرّياتهم أو بسِيَرهم ويوميّاتهم وكفاحهم المرير، واستبدالها بالحديث (الفارغ علمياً في معظم الأحيان) عن القضايا الجيوستراتيجية وعن الحدود والصراعات الكبرى.
الثاني هو ما أسمّيه بالبافلوفية (نسبة الى نظريّة العالِم بافلوف) في سلوكهم ما إن يدّعي طرف أنه ممانع ومقاوم لإسرائيل ومناهض للهيمنة الأميركية. والنظام السوري منذ سبعينات القرن الماضي امتهن خطاب الممانعة ومناطحة الإمبريالية وشتم إسرائيل، ولَو أن جبهة الجولان المحتلّ منذ العام 1967 هي الجبهة العربية الأكثر هدوءاً مع إسرائيل ولم يُسجّل فيها خرق واحد لوقف النار منذ العام 1974. والنظام السوري قتل في لبنان وسوريا من الفلسطينيّين أكثر ممّا قتلت إسرائيل إن مباشرة أو عبر حلفائه وعملائه، من تل الزعتر العام 1976 الى مخيمات البداوي والبارد عامَي 1982 و1983 الى مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة وعين الحلوة والرشيدية بين العامين 1985 و1989 وصولاً الى مخيّم اليرموك وسائر مخيّمات سوريا منذ العام 2011. كما أن تنسيقه مع واشنطن العام 1975 سمح له باجتياح لبنان، قبل أن يسمح له إرسال جيشه الى الخليج بأمرة الأميركيين العام 1991 خلال حرب الكويت تكريس احتلاله للبنان حتى العام 2005. ومنذ ذلك التاريخ، عمل النظام وما زال على كسب القبول الأميركي بسياساته إن تعاوناً مخابراتياً (بحسب تقرير بايكر هاميلتون في ما خصّ حدود العراق أعوام 2006 و2007 و2008) أو دعوةً لواشنطن للمفاضلة بينه وبين "الإرهابيّين" على ما يردّد منذ العام 2011.
السبب الثالث، هو دعاية "العلمنة والحداثة والتقدّمية" التي يرفعها الأسد وهدفها جعله في مرتبة أعلى من مرتبة المجتمع السوري. وهذه الدعاية يكرّرها في جميع مقابلاته مع الصحافيّين الغربيين إذ يكرّر القول إن المجتمع السوري غير جاهز للديمقراطية لأنه غير متعلّم كفاية. وهذه مقولة عنصرية قديمة معروفة. كما أنه يستخدمها داعياً الى المفاضلة بين "حداثته وعلمانيّته" وبين إيديولوجيات الإسلام السياسي، ليكسب منها دعماً من مردّدي الشعارات المفصولة عن الواقع، خاصة أن السوريّين يعلمون تمام المعرفة أن نظام الأسد طائفي ورجعي وممارسته قروسطية على العكس تماماً ممّا يردّد الجاهلون بأوضاع سوريا. يكفي الإطّلاع على "بيروقراطية القتل" في السجون وعلى التوحّش في قمع المجتمع السوري وعلى ممارسات الشبيحة وعلى منظومات الفساد وعلى التعبئة الطائفية للوقوف على زيف الشعارات.
أما السبب الرابع، فهو موقفٌ من الصراعات الإقليمية ومن العلاقات الدولية يُسقطه يساريّون ومثّقفون على الواقع السوري. فيؤيّد بعضهم روسيا في حنين ساذج الى الاتحاد السوفياتي، ويُعادي بعضهم السعودية وقطر، ليتّخذوا من تأييد موسكو والعداء للرياض أو الدوحة أو واشنطن منطلقاً للاصطفاف في سوريا بمعزل عن الشعب السوري وحقوقه وتطلّعاته وكفاحه. وفي هذا سقوط أخلاقي مريع قبل كونه سقوطاً سياسياً، وفيه أيضاً هروب من النقاش حول سوريا الى جدال حول بديهيات مثل غياب الديمقراطية في دول الخليج العربي أو انحياز واشنطن لتل أبيب أو انتهاك الأخيرة لحقوق الشعب الفلسطيني، وكأن السوريّين مسؤولون عن ذلك، أو كأن في هذه الشؤون ما يغيّر من جوهر الصراع في سوريا وأسبابه والمسؤوليّات فيه.
تبقى الإشارة الى أن بعض اليساريّين المعجبين بالأسد وبوتين ونظاميهما إنطلاقاً من دعمهم لاشتراكية مزعومة يجهلون أن "الرأسمالية المتوحّشة" هي إحدى سمات الاقتصاد الروسي منذ سنوات، وأن بشّار الأسد طلّق الاشتراكية البعثية منذ العام 2001 حين ادّعى لبرلة الاقتصاد السوري لتستفيد من خصخصته مجموعة حيتان من أقاربه ومعارفه وأعضاء الدائرة المقرّبة إليه.

- تعرّفنا على أحوال سوريا... أما الآن فكيف ترى الواقع العربي، ونظرة الأوساط الغربية الأكاديمية له؟

لا يوجد نظرة أكاديمية غربية واحدة للأوضاع العربية اليوم. هناك أكاديميون يعرفون المنطقة أو بعضها جيداً، ولهم مواقف أخلاقية وسياسية شجاعة من مجريات الأحداث فيها. وهناك أكاديميون آخرون يعرفونها لكنهم يفضّلون الظهور كمحايدين ومراقبين لأسباب تخصّهم وتخصّ مصالحهم. وهناك من لا يعرف عنها سوى عموميّات ومواقفه منها مرتبطة بمواقف إيديولوجية. وهناك بالطبع من يتحوّل عداؤه للإسلام عامة وللإسلام السياسي خاصة الى بوصلة لمواقفه الشرق أوسطية.

على أن كل هؤلاء يعرفون أن ما جرى ويجري في المنطقة منذ أواخر العام 2010 يشكّل مرحلة هائلة الأهمية والخطورة لجهة التطوّرات والتحوّلات، وأن آثاره ونتائجه ستستمرّ لسنوات طويلة ولن تكون أوروبا بمنأى عنها، ليس بسبب مأساة مئات الألوف من اللاجئين الذين يصلونها برّاً وبحراً فحسب، بل أيضاً بسبب التداعيات السياسية والأمنية والاقتصادية لتفكّكك بلدان وإعادة تشكيل أُخرى على مقربة أو على تماس مع الحوض المتوسّطي.


أما بالنسبة لي، فما زلت عند اعتقادي أن هذه الثورات كانت ضرورة وكانت رداً على عقود من الاستبداد والفساد، وأنها ظهّرت أمراضاً وأعطاباً عميقة في مجتمعاتنا علينا التعامل معها. وأظنّ أن مسارات الثورات لم تنته بعد وكذلك مسارات الثورات المضادة، وأنها بتصادمها تفتتح حقبة جديدة في تاريخنا المعاصر ليست أقل أهمية وخطورة من حقبات سابقة كتلك التي أسّس لها اتفاق "سايكس بيكو" في المشرق العربي قبل قرن تماماً من اليوم.

حوار مع زياد ماجد، منشور في صحيفة "المصري اليوم" في القاهرة بتاريخ 14 آذار/مارس 2016