يعبّر العلني كما المسرّب من تصريحات الرئيس السوري الأخيرة، حول الانتخابات النيابية اللبنانية وحول المحكمة الدولية و"مفاوضات السلام" في المنطقة، عن مفارقات ثلاث في السياسة وفي الثقافة السياسية يفيد التوقّف عندها.
المفارقة الأولى ناجمة عن موقف لا يكتفي بإبداء اهتمام في انتخابات دولة مجاورة وما قد ينجم عنها من تداعيات سياسية تمسّ العلاقة بين الدولتين كما يمكن لأي رئيس أو مسؤول أن يفعل، بل يذهب في تدخّل - بعيد عن الأصول الديبلوماسية - الى حدّ تحديد ما ينبغي أن تكون عليه مؤدّيات الانتخابات من استمرار لفلسفة "الثلث المعطل" التي أتى بها اتفاق الدوحة، ملوّحاً بالفوضى بديلاً وحيداً عن ذلك. ويعلن أن من سيتصرّف بعد هذه الانتخابات بعقلية "أنه رابح" سيجرّ البلد نحو الانفجار، محذّراً بالتالي الأطراف اللبنانية التي قد تحاول الحكم بناء على تفويض أكثرية المواطنين الناخبين، بأنها ستتسبّب لبلادها بكوارث...
المفارقة الثانية تتأتّى من حديث الأسد عن المحكمة الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه. ففي هذا الحديث، يمارس الرئيس السوري التهديد من دون أي تمويه. ذلك أن "تسييس المحكمة"، على ما يقول، يعني خراب لبنان. أمّا ما هو التسييس، وكيف سيحلّ الخراب بلبنان، فللقارئ النبيه أن يفهم. ذلك أن لا استيضاحاً طُلب من الأسد، ولا تفاصيل تبرّع هو بتقديمها. لكن المُتابع للسجالات حول المحكمة يُدرك أن المقصود من قوله المذكور هو: "إن اتّهمت المحكمة النظام السوري بالوقوف وراء الجريمة، فسنجعل لبنان يدفع الثمن غالياً"...

فهل نبالغ إن كرّرنا من لبنان إن استقلالنا واستقرارنا على المدى البعيد مرتبطين بديمقراطية سوريا وحرية أبنائها؟
زياد ماجد