الى فائق
المير، أبو علي، في "غيبته الكبرى"
انقضت عشر
سنوات منذ ذلك اليوم الذي خرجت فيه أجساد وأصوات وآمال الى ما صار مطحنةً لعظامها
ومقتلةً بلا قبور لمئات آلاف البشر وابتساماتهم في أرض حكمها الموت والاختناق
وبسالة مقاومتهما لعقود طويلة.
انقضت عشر
سنوات من عمر مذبحةٍ متواصلة غيّرت عالماً وعلاقاتٍ وأطباعاً وبدّلت صلةً بالوقت والبديهيات،
وفعلت فعلها في تظهير وقائع حول أفرادٍ وجماعات ومؤسسات وتيارات سياسية
وفكرية، وجعلت كثراً منّا يجهدون لإكمال أيّام "عادية" استهلّتها صباحاً
صورُ برميل يسحق طفلاً أو جروح جثّة حفرت فيها سكّين سجّان أو طلقات قنّاص.
انقضت عشر
سنوات إذاً، يمكن إيجاز بعض ملامحها وملاحمها بثنائيات بصريّة متدافعة أو متنابذة،
على مذهب جان لوك غودار إذ يقيم المقارنة بين المشهد الظاهر والمشهد المحجوب، وكأن
الواحد هو "نيغاتيف" الآخر ومكمّله ولو من باب التضاد أو الطرد من مسرح
المرئيّ.
ولعلّ في تتبّع
رحلة الأجساد السورية بين مشاهد الحياة والموت، أو الموت والحياة، طيلة السنوات
العشر المنقضية، ما يوفّر للمقارنة الغودارية هذه أقصى مدلولاتها.