لا يبدو الموت "العادي" في أرضٍ يحصد فيها العشرات من الأشخاص يومياً بسبب القتل والحروب والقمع والحصار مسألة حميمة خاصة، كما يُفترض به أن يكون، ترتبط برحيلِ قريبٍ أو عزيز أو وداع رفيق، يلتئم أحبّة لتذكّر شراكة أيام وابتساماتٍ وأحلام وإخفاقاتٍ ونجاحاتٍ واحتمالاتٍ ظلّت مؤجّلة. فالموت هذا صار في ظل الأخبار والصور ومشهديّة الفظيع أشبه بحدث يُصيب المعنيّين لوهلةٍ قبل أن يذوي في سياق أوسع ويتحوّل الى خسارة تُضاف الى خسارات معمّمة تحار العواطف والانفعالات في التعامل معها ورسم الحدود بينها أو استيعاب المُجريات وفصل الخاص عن العام فيها.
ولعلّ رحيل جيزيل خوري، الإعلامية اللبنانية التي دخل صوتها ونور عينيها عبر الشاشات الى معظم البيوت في العالم الناطق بالعربية، أصاب أهلها وصحبها الكثر بهذه الحيرة المجبولة بالحزن والألم، إذ جاء في فترة قاسية حلّ في إيقاعاتها فقدُ جيزيل وخصوصيّته مع كثافة قتلٍ واتّساع خرابٍ يستيقظ الأحياء أو الناجون وينامون يومياً على وقعهما في غزّة المحاصرة والضفة الغربية المحتلّة، أو في إدلب المنسيّة.