Sunday, May 29, 2022

في الاستعصاء السياسي اللبناني

 يبدو المشهد اللبناني اليوم، بعد أسبوعين من انتخاب مجلس نوابٍ جديد خسر فيه حزب الله الأكثرية التي امتلكها في المجلس السابق، مقبلاً على معضلات وسيناريوهات تؤكّد عمق أزمة النظام السياسي واستعصاءها على الحلول في المقبل من الأيام. 

فالمجلس الجديد، الذي لم يشارك في انتخابه أكثر من 49 في المئة من الناخبين رغم حساسية الوضعين السياسي والاقتصادي ورغم الاقتراع الكثيف للمهاجرين (والمهجّرين خارج البلاد)، يعكس أكثر من قِسمة لبنانية، أو أكثر من قطيعة. فمن ناحية هناك كتلة واسعة غير متجانسة (ويتنابذ بعض مكوّناتها) هي الحليفة لحزب الله، وفيها النواب الشيعة جميعهم (إذ لم يخرق أي شيعي مستقل أو معارض لوائح الثنائي حزب الله – أمل) ونواب التيار العوني ونوّاب الطاشناق والمردة والأحباش وعدد آخر من النواب المسيحيين والسنّة. وهناك من ناحية ثانية مجموعة كتل تمثّل قوى منبثقة من معسكر 14 آذار السابق، مع خلافات عديدة في ما بينها، وهي كتل القوات اللبنانية والحزب التقدّمي الاشتراكي والكتائب والمتناثرين عن تيّار المستقبل الذي قاطع رسمياً الانتخابات وبعض النوّاب السنّة والمسيحيين الآخرين المعارضين لحزب الله. ثم هناك من ناحية ثالثة مجموعة نواب مستقلّين تتحرّك مواقفهم تبعاً للقضية المطروحة، ولا يمكن تصنيفهم على نحو ثابت في أي خانة سياسية صارمة المعالم. وهناك أخيراً النواّب الجدد الذين مثّلوا تيّارات وحركات منبثقة من انتفاضة "17 تشرين الأول/أكتوبر 2019" الشعبية. وهؤلاء بدورهم، ليسوا كتلة موحّدة وثمة اجتهادات مختلفة قد تبرز في صفوفهم تجاه الموقف من سلاح حزب الله أو من جمعية المصارف أو من المسألة الطائفية وتبعاتها السياسية والاجتماعية أو من أحوال المنطقة ومحاورها. 

Thursday, May 26, 2022

حزب الله والصوت التفضيلي والنظام المأزوم

ليست المرّة الأولى التي يظهّر فيها استحقاقٌ عمقَ أزمة النظام اللبناني. فلقد صار مألوفاً أن يذكّرنا كل انتخاب رئاسي بعد فراغ، وكل تشكيل حكومي بعد طول انتظار، وكل انتخاب نيابي بعد تردّد، بأنّ التوافقية التي تحكم لبنان نظرياً ترنّحت وأنّ فلسفتها المفترض بها تسهيل الحياة السياسية وضمان مشاركة ممثّلي الطوائف فيها، لم تعد قادرة على إدارة الحياة والمشاركة المذكورتين (بمعزل عن سوء حصر اللبنانيين واللبنانيات بطوائفهم أصلاً). 

زياد ماجد

لقراءة المقال التحليلي لنتائج الانتخابات اللبنانية وللصوت التفضيلي ولموقع حزب الله في البرلمان الجديد، يمكن الضغط هنا على رابط "ميغافون".

Sunday, May 15, 2022

تقويض سوريا

ما الذي لم يُكتب بعدُ عن سوريا منذ اندلاع ثورتها وتحوّلها الى كفاح مسلّح ثم الى حرب شاملة والى تدخّلات خارجية واحتلالات وتقسيم ترابي؟ وما الذي لم يُوثّق بعدُ عن العنف وآلياته وعن نظام الأسد الذي هندس ونفّذ بدعم راعيَيه الروسي والإيراني عمليات إعدام جماعي لمئات آلاف السوريّين بعد قصف وحصار وتجويع وتهجير واستخدام براميل وسلاح كيماوي وتعذيب؟ وما الذي لم يُقل عن أسباب صعود داعش والقوى الجهادية أو عن الاقتصاد وانهياره أو عن اللاجئين أو عن محاولات التطبيع السياسي والاقتصادي مع الأمر الواقع والقائمين عليه؟

تخطر هذه الأسئلة وغيرها قبل الاطّلاع على كتاب الأكاديمية الفرنسية ليلى فينيال، أستاذة الجغرافيا في جامعة رين ثم في المعهد العالي للتعليم في باريس. ذلك أن فينيال، التي تشتغل بحثياً على سوريا منذ نهاية تسعينات القرن الماضي، اختصّت بعد العام 2011 في رصد التحوّلات الديموغرافية والعمرانية في سوريا وفي مجتمعات اللجوء السوري (لا سيّما في لبنان والأردن ومصر)، وفي تحليل عمليات التدمير الممنهج لبعض المدن وضواحيها وأريافها وما مثّلته أو كرَسته من سياسات ومن مخطّطات على صلة بالاقتصاد وبالنسيج الاجتماعي السوري.

Tuesday, May 3, 2022

ماذا نفعل بكلّ هذا القتل؟

ظهرت في أسبوع واحد في لبنان وسوريا مشاهد عنف وتوحّش متخيّل أو موثّق بتفاصيل مرعبة. بدا لنا أنّنا أمام كابوس لا ينتهي. نحار إن كان يثير الغضب أكثر أو الحزن أكثر أو الحقد والغثيان أكثر وأكثر.

انتشرت المشاهد أمامنا، في وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث بات لا مفرّ من الوقوع عليها، ثم استعجال الانتقال بلمس الشاشة الى أخبار غيرها، كي لا تسجّل ذاكرتنا كامل معالم الضحايا والمجرمين فترافقنا نظراتهم أو أصواتهم وتُحيل مشروع يومنا الى جهاد مستمرّ لنسيانها، للتخلّص منها ولَو لساعات.