يبدو المشهد اللبناني اليوم، بعد أسبوعين من انتخاب مجلس نوابٍ جديد خسر فيه حزب الله الأكثرية التي امتلكها في المجلس السابق، مقبلاً على معضلات وسيناريوهات تؤكّد عمق أزمة النظام السياسي واستعصاءها على الحلول في المقبل من الأيام.
فالمجلس الجديد، الذي لم يشارك في انتخابه أكثر من 49 في المئة من الناخبين رغم حساسية الوضعين السياسي والاقتصادي ورغم الاقتراع الكثيف للمهاجرين (والمهجّرين خارج البلاد)، يعكس أكثر من قِسمة لبنانية، أو أكثر من قطيعة. فمن ناحية هناك كتلة واسعة غير متجانسة (ويتنابذ بعض مكوّناتها) هي الحليفة لحزب الله، وفيها النواب الشيعة جميعهم (إذ لم يخرق أي شيعي مستقل أو معارض لوائح الثنائي حزب الله – أمل) ونواب التيار العوني ونوّاب الطاشناق والمردة والأحباش وعدد آخر من النواب المسيحيين والسنّة. وهناك من ناحية ثانية مجموعة كتل تمثّل قوى منبثقة من معسكر 14 آذار السابق، مع خلافات عديدة في ما بينها، وهي كتل القوات اللبنانية والحزب التقدّمي الاشتراكي والكتائب والمتناثرين عن تيّار المستقبل الذي قاطع رسمياً الانتخابات وبعض النوّاب السنّة والمسيحيين الآخرين المعارضين لحزب الله. ثم هناك من ناحية ثالثة مجموعة نواب مستقلّين تتحرّك مواقفهم تبعاً للقضية المطروحة، ولا يمكن تصنيفهم على نحو ثابت في أي خانة سياسية صارمة المعالم. وهناك أخيراً النواّب الجدد الذين مثّلوا تيّارات وحركات منبثقة من انتفاضة "17 تشرين الأول/أكتوبر 2019" الشعبية. وهؤلاء بدورهم، ليسوا كتلة موحّدة وثمة اجتهادات مختلفة قد تبرز في صفوفهم تجاه الموقف من سلاح حزب الله أو من جمعية المصارف أو من المسألة الطائفية وتبعاتها السياسية والاجتماعية أو من أحوال المنطقة ومحاورها.