Sunday, March 24, 2024

منطقة اهتمام بين فلسطين وسوريا والشرط الإنساني

 يثير فيلم "منطقة اهتمام" للمخرج البريطاني جوناثان غلايزر، الحائز على جائزة أوسكار هذا العام، ضجة كبيرة بين الكتّاب والعاملين في حقول الثقافة والسينما في بريطانيا وأمريكا، ليس لمضمونه أو لفكرته أو لسياقه أو لتركيب شخصياته، بل لما قاله مخرجه عند تسلّمه الأوسكار.

فغلايزر (اليهودي المولد) اعتبر أن فهم فيلمه لا يتمّ عبر اعتباره يُعالِج ماضياً أو فظائع تاريخية فقط، بل تنبغي مشاهدته أيضاً على أساس أنه يرتبط بما يجري اليوم في غزة. وعبّر عن رفضه توظيف "الهولوكوست" لتبرير الحرب الدائرة ونزع الأنسنة وارتكاب الجرائم.

وقد ردّ عليه في بيان مشترك أكثر من ألف شخصية سينمائية عرّفت عن نفسها كشخصيات يهودية، رافضة المقارنة التي اعتبرت أنه أجراها بين المحرقة النازية وبين الحرب في فلسطين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. 

في المقابل، دافع عن غلايزر مثقفون ومنظمات يهودية يسارية، اعتبروا أن رفض مجابهة الماضي بالحاضر والسعي لمصادرة ذاكرة "الهولوكوست" ما هي إلا محاولات للتعمية على الجرائم و"على حرب الإبادة" التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

وكتبت نعومي كلاين، الصحافية والجامعية النسوية الكندية، مقالاً ثاقباً في صحيفة "الغارديان"، قارنت فيه بين اعتياد الناس على العيش على مقربة من الإبادة الجماعية التي يعرفون بوقوعها (يفصلهم عن هولها جدار)، كما صوّرهم الفيلم، وبين عيشنا اليوم، على بُعد بضعة جدران من غزة، حيث تحصل منذ ستة أشهر تقريباً عمليات إبادة، لم يتدخّل أحدٌ بعدُ لوقفها.

Saturday, March 23, 2024

حزب الله والمأزق اللبناني

تغطّي حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرّة ضدّ الفلسطينيّين في غزة على كل النقاشات السياسية في المنطقة العربية. ليس فقط لأن مقدار القتل والتجويع والتعذيب وشراسة التدمير وتعمّد إنزال أشدّ أذية ممكنة بالبشر والعمران والبيئة وسرقة البيوت والممتلكات وتدمير المدارس والجامعات والمستشفيات وكامل البنية التحتية تتخطّى في بربريّتها كلّ ما شهدناه في الحروب الكثيرة في العالم في العقود الأخيرة في فترة زمنية قصيرة وفي رقعة جغرافية صغيرة ومحاصرة تماماً، بل أيضاً لأن تداعيات هذه الحرب في فلسطين والمنطقة وعلى منظومة العلاقات الدولية ستكون بلا شكّ عميقة الأثر.

وإذا كان رصد هذه التداعيات ما زال مبكراً الآن (ولَو أن بعض معالمها بدأ بالظهور)، إلا أنه في الحالة اللبنانية تكشّف عن مجموعة أمور طوت مرحلة واستهلّت أخرى مفتوحة على احتمالات عديدة، لا يُستثنى منها الاحتمال الحربي الواسع النطاق.