Monday, April 22, 2024

القبول بمواجهة محدودة مع إيران لاستكمال المذبحة في غزة

تثير المواجهة المباشرة بين تل أبيب وطهران، وما تخلّلته حتى الآن من هجوم إيراني على إسرائيل ليل 13 – 14 أبريل الجاري ردّاً على قصف القنصلية في دمشق ومن عملية إسرائيلية استهدفت قاعدة جوّية إيرانية في أصفهان ليل 18 – 19 من الشهر ذاته، العديد من الملاحظات، وتطرح سؤالاً أساسياً: هل ستوظّف إسرائيل الدعم الغربي المتجدّد لها بعد أن تحوّلت الأنظار عن غزة نحو الجبهات الإقليمية المختلفة والخشية من انفجارها، لتسرّع حرب الإبادة وتجتاح رفح؟

ثمة مؤشّرات تدفع للميل لهذا الافتراض.

فالواضح أن طهران وواشنطن لا تريدان التصعيد إقليمياً. وتل أبيب التزمت مرحلياً بالسقف الأمريكي، لكنها تجهد في المقابل لتقليص الاشتراطات والضغوط عليها كي تسير في تنفيذ عمليّتها في جنوب القطاع.

Monday, April 15, 2024

تهافت السياسة في لحظة الإبادة

منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة، تراجعت السياسة الى أدنى مستوياتها. فمن ناحية، تحوّل القتل اليومي والتعذيب والتدمير الشامل الى هدف إسرائيلي وحيد، تُسخَّر الموارد المالية والعسكرية والتكنولوجية والدعائية والديبلوماسية لتحقيقه والدفاع عنه ونفي تفاصيله ومفاعيله تارة أو تبريرها تارة أخرى. ومن الناحية المقابلة، صار الخلاص من الإعدام الفردي أو الجماعي الأمل الذي يتمسّك به المدنيون الفلسطينيون، والنفاذ من الاستئصال والدفاع عن الوجود ما يصبو إليه المقاتلون. وفي الحالتين، حالة القتل أو حالة السعي للإفلات منه، لا حيّز واسعاً للسياسة أو للخيارات السياسية وللبحث في تفاصيلها واحتمالاتها.

Sunday, March 24, 2024

منطقة اهتمام بين فلسطين وسوريا والشرط الإنساني

 يثير فيلم "منطقة اهتمام" للمخرج البريطاني جوناثان غلايزر، الحائز على جائزة أوسكار هذا العام، ضجة كبيرة بين الكتّاب والعاملين في حقول الثقافة والسينما في بريطانيا وأمريكا، ليس لمضمونه أو لفكرته أو لسياقه أو لتركيب شخصياته، بل لما قاله مخرجه عند تسلّمه الأوسكار.

فغلايزر (اليهودي المولد) اعتبر أن فهم فيلمه لا يتمّ عبر اعتباره يُعالِج ماضياً أو فظائع تاريخية فقط، بل تنبغي مشاهدته أيضاً على أساس أنه يرتبط بما يجري اليوم في غزة. وعبّر عن رفضه توظيف "الهولوكوست" لتبرير الحرب الدائرة ونزع الأنسنة وارتكاب الجرائم.

وقد ردّ عليه في بيان مشترك أكثر من ألف شخصية سينمائية عرّفت عن نفسها كشخصيات يهودية، رافضة المقارنة التي اعتبرت أنه أجراها بين المحرقة النازية وبين الحرب في فلسطين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. 

في المقابل، دافع عن غلايزر مثقفون ومنظمات يهودية يسارية، اعتبروا أن رفض مجابهة الماضي بالحاضر والسعي لمصادرة ذاكرة "الهولوكوست" ما هي إلا محاولات للتعمية على الجرائم و"على حرب الإبادة" التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

وكتبت نعومي كلاين، الصحافية والجامعية النسوية الكندية، مقالاً ثاقباً في صحيفة "الغارديان"، قارنت فيه بين اعتياد الناس على العيش على مقربة من الإبادة الجماعية التي يعرفون بوقوعها (يفصلهم عن هولها جدار)، كما صوّرهم الفيلم، وبين عيشنا اليوم، على بُعد بضعة جدران من غزة، حيث تحصل منذ ستة أشهر تقريباً عمليات إبادة، لم يتدخّل أحدٌ بعدُ لوقفها.

Saturday, March 23, 2024

حزب الله والمأزق اللبناني

تغطّي حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرّة ضدّ الفلسطينيّين في غزة على كل النقاشات السياسية في المنطقة العربية. ليس فقط لأن مقدار القتل والتجويع والتعذيب وشراسة التدمير وتعمّد إنزال أشدّ أذية ممكنة بالبشر والعمران والبيئة وسرقة البيوت والممتلكات وتدمير المدارس والجامعات والمستشفيات وكامل البنية التحتية تتخطّى في بربريّتها كلّ ما شهدناه في الحروب الكثيرة في العالم في العقود الأخيرة في فترة زمنية قصيرة وفي رقعة جغرافية صغيرة ومحاصرة تماماً، بل أيضاً لأن تداعيات هذه الحرب في فلسطين والمنطقة وعلى منظومة العلاقات الدولية ستكون بلا شكّ عميقة الأثر.

وإذا كان رصد هذه التداعيات ما زال مبكراً الآن (ولَو أن بعض معالمها بدأ بالظهور)، إلا أنه في الحالة اللبنانية تكشّف عن مجموعة أمور طوت مرحلة واستهلّت أخرى مفتوحة على احتمالات عديدة، لا يُستثنى منها الاحتمال الحربي الواسع النطاق.

Saturday, February 24, 2024

"سيلفي" الخراب العظيم

ثمة فظاعة في هذه الصورة. التقطَها المصوّر تسفرير آبايوف في 19 شباط/فبراير 2024 لمجموعةٍ من الجنديّات الاسرائيليات لحظة أخذهنّ "سيلفي" أمام حطامٍ رهيب لحيّ سكني سُحقت مبانيه في قطاع غزة.

لم يُشر المصوّر على صفحته في إنستغرام الى موضع التصوير الدقيق. لكننا نفهم من تعريفه البارد والبليد بهذه الصورة الاستثنائية العنف أنها من شمال القطاع. وَضع الكثير من الـ"هاشتاغ" تحتها، مستخدماً مصطلحات حربية إسرائيلية، وأشار الى الهوية "الجندرية" للعناصر العسكرية، وحدّد بالطبع نوعية كاميراه وحجم عدستها ومستوى حساسيتها. 

قد يكون عدم الإشارة الى المكان، في هذه الصورة وفي سلسلة صورٍ لا تقلّ بشاعةً تبعتها ضمن ألبوم المصوّر ذاته، مرتبطاً بأوامر الرقابة العسكرية الإسرائيلية. وقد يكون مجرّد سهوٍ أو عدم اكتراث منه. أو قد يكون مردّ ذلك ببساطةٍ أن قطاع غزة بأكمله مدمّر (أو شِبه مدمّر)، والتصوير والـ"سلفي" أمام أي ركامٍ داخل مدنه ومخيّماته يحمل الدلالة والمعنى إياه: نتصوّر ونبتسم للعدسة ونُبيّن ما جعلناه أشلاء أمكنةٍ، ومساكن أشباحِ من اختفوا قتلاً أو تهجيراً.

Monday, February 12, 2024

في وداع رياض الترك، صانع الأمل وصائنه

السيّدات والسادة، الرفيقات والرفاق

العزيزتان خزامى ونسرين 

ما الذي يجمعُنا اليومَ، سوريّين وفِلسطينيين ولبنانيين وفرنسيّين، لتكريم رجلٍ تسعينيّ غادرنا قبل أربعين يوماً؟

هل هو احترامُنا لسيرته ولكفاحه على مدى عقود من أجل الحرّية التي رفضَ كلّ تنازلٍ عنها أو تسويةً على حقّه في انتزاعها؟

هل هي الصلابة الاستثنائية التي وسمت حياته داخل السجون وخارجها في مراحلَ واجه فيها التعذيب والقتل والاستبداد بلحمِه الحي؟

هل هو حبّنا المشترك لبلادنا المنكوبة التي لم يعرفِ التاريخُ إلا نادراً هذا المقدارَ من القسوة المسلّطةِ على ناسها، في حمص وداريا ودرعا وحلب، كما في غزة وخان يونس ورفح وجنين وبيروت وصنعاء وبغداد؟

هل هو الأملُ الذي ظلّ يذودُ "ابن العم" عنه ويقولُ به ويعدُ بلسانه بأن سوريا لن تبقى مملكةً للصمت؟

أم هو جانب الهشاشة الإنسانية رغم الإرادة الفولاذية الذي جعل منه مرآة لكثرٍ من آبائنا، ننظر عبره إليهم فنرى قوّتهم وتردّدهم وحنانهم وخشونتهم وانحناءهم الأخير تحت ثقل السنوات وما حملت من تجارب وأهوال؟ 

أظنّنا نجتمع هنا لكل هذه الأسباب. وأظنّنا هنا أيضاً لأنه ترك أثراً في كل واحد منّا، بمعزل عن مدى قربنا الشخصي منه.

Sunday, February 11, 2024

مشروع اليمين الإسرائيلي المتطرّف لغزّة

دخلت حرب الإبادة الاسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة شهرها الخامس، ولا مقترحات واضحة بعد عند أي من الأطراف الإقليمية والدولية لِسبل وقفها والتعامل السياسي مع المرحلة التي ستليها.

ورغم بعض الأفكار التي بدأ الأمريكيون بتسريبها حول خطواتهم الممكنة في الأشهر المقبلة، فإن لا شيء يُظهر حتى الآن قابليّة أفكارهم للتطبيق. فالأخيرة قوامُها اعترافٌ قريب بالدولة الفلسطينية من دون توقّف عند حدودها، بما يعني جعل الاعتراف المسبق مقدّمةً لمسار تفاوضي جديد في المنطقة ثم ترك هذا المسار يخوض في "التفاصيل" الميدانية وفي شكل الدولة وتُرابيّتها ونهائيتها السياسية، على ما نُقِل عن أنطوني بلينكن. وهذا ترفضه إسرائيل، في ما تدعمه السعودية ومصر والأردن، ويُرجّح أن تتبنّاه بريطانيا ومعظم الدول الأوروبية. بموازاة ذلك، تبحث أمريكا في شكل إدارة مرحلةٍ انتقالية في غزة تعقب الانسحاب العسكري الإسرائيلي "التدريجي" وتُتيح للسلطة الفلسطينية، بعد توسيع هياكلها بمساعدة عربية، أن تلعب دوراً أساسياً فيه، بما يحفّز دولاً وهيئات مانحة على البدء بتمويل "إعادة إعمارٍ" للقطاع المنكوب.

Friday, February 2, 2024

نحن وجرح غزّة والعالم

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الخامسة على قطاع غزة، يعيش الكثير من الأكاديميين والحقوقيين والصحافيين والعاملين في منظمّات مجتمع مدني أو منظمات إنسانية دولية، في الغرب، المتابعين منذ عقود لمجريات الصراع في فلسطين المحتلة وللتحوّلات الحاصلة في المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي، كابوساً تتوالى فصوله يومياً. 

ذلك أن ضراوة الحرب الإسرائيلية في شهرها الرابع، غير المسبوقة لجهة تسخير أحدث تكنولوجيا لتعميم أوسع دمار عمراني وخسائر بشرية ممكنة، ولجهة حجم المعاناة الإنسانية في فترة زمنية "قصيرة" وفي رقعة جغرافية صغيرة لم يشهد العالم له مثيلاً منذ عقود، تترافق مع تغطية إعلامية تلفزيونية غربية، لا تشذّ عنها سوى قلّة من المحطّات، غالباً ما تُغيّب الحقائق الميدانية وتنزع الأنسنة عن الفلسطينيين. يتجلّى الأمر في اختيار الصور أو في التعليقات عليها أو في اعتماد المصطلحات غير العلمية لتوصيف الأوضاع أو في استضافة أشخاص غير اختصاصيين يكرّرون مقولات خاطئة أو في السماح للناطقين باسم الجيش الإسرائيلي بالمشاركة في البرامج الحوارية وعدم مساءلتهم الجدّية، إلا نادراً، حول الفظائع التي يرتكبها جيشهم. ويكمّل هذه التغطية غير المهنية وغير الأخلاقية، خطاب يعتمده أحياناً عنصريون من بين الضيوف، يشكّكون بكل غرور وجهل بحجم الخسائر البشرية الفلسطينية المُعلنة، أو يكرّرون أن على إسرائيل "الدفاع بقوّة" عن نفسها وسط محيطٍ (عربي) معادٍ لها. وطبعاً لا يفقه أصحاب الخطاب المذكور شيئاً بالقانون الدولي الإنساني، ولا بالسياق التاريخي المُفضي الى الحرب الدائرة.

Sunday, January 14, 2024

جنوب أفريقيا إذ تخوض أبرز معارك العدالة في لاهاي

شكّل البثّ المباشر لجلسة محكمة العدل الدولية التي رافع فيها وفد جنوب أفريقيا ضد الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة، حدثاً استثنائياً في تاريخ القضية الفلسطينية وفي تاريخ القانون الدولي. وعبّر كذلك عن تبدّل جذري في تموضع الدول تجاه المؤسسات والمعاهدات والمواثيق الإنسانية، الكونية نظرياً، التي انبثقت في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ويمكن التوقّف عند أربع مسائل أثارها الحدث الجلل في مقرّ المحكمة في لاهاي.

هل يجوز الحديث عن إبادة جماعية في غزة؟

منذ أن شنّت إسرائيل حربها الأكثر وحشية على فلسطينيّي غزة (على إثر هجوم حماس ضد الجنود والمدنيين الإسرائيليين في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، تحوّل القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في وسائل الإعلام وتصريحات المتحدّثين باسم معظم الحكومات الغربية إلى مجرّد وجهات نظر وآراء تبثّها الشاشات ويخوض فيها أشخاص غير اختصاصيين. وقد نتج عن ذلك استخدام مصطلحات ومفاهيم ذات معان محدّدة كـ"جريمة حرب" أو "جريمة ضد الإنسانية" أو "تطهير عرقي" أو "إبادة جماعية" على نحو عشوائي، تارة لوصف حالات معيّنة وغالباً لنفي أو رفض تطابقها مع الواقع في غزة. وهذا ما يدعونا للتذكير بتعريفات هذه الجرائم ثم للتحقّق من إمكانية تطابقها مع وقائع الحرب الإسرائيلية في القطاع.

زياد ماجد، على موقع لوريان 21.

لقراءة المقال كاملاً، يمكنكم النقر هنا.