Saturday, February 22, 2020

ماذا نكتب عن إدلب؟

يخيّم الموت على إدلب منذ أشهر طويلة. يقذفه على الناس وحوشٌ في براميل وصواريخ وحممٍ نارية. ينهمر من الغيم على بيوتٍ ومدارس ومستشفيات. يقطّع أوصال أطفال ومسعفين، ويصيب ملاعب ومخابز ومخابئ، ويحوّل مدناً وبلدات الى ركام ودخان. يغدر الموت في إدلب بالناس كل يوم. يسابق خبزهم في الصباح الباكر، ثم يأتيهم في الظهيرة ويحوم فوق مخادعهم إن ناموا. يطوي بثقله بيوتاً ويسحق أهلها وذكرياتهم تحت حطامها المهول. يطرد الموت في إدلب الأحياء من ديارهم، من أعمارهم وبقايا آمالهم. يُحيل وجوههم الى خرائط للدموع والمآسي، ويملأ طرقات يوميّاتهم السابقة بأرتال من السيارات والآليات المحمّلة بظلالهم وبعض حاجيّاتهم والكثير من الغبار

Monday, February 10, 2020

سوريا والعراق وليبيا إذ اجتاحتها دول وميليشيات ومرتزقة

ليس من قبيل المصادفة أن تكون سوريا والعراق وليبيا اليومَ البلدان العربية الثلاثة الأكثر عرضة للعنف وتحلّل الدولة وتذرّر المجتمع وانتهاك السيادة الوطنية وتعدّد الاحتلالات الأجنبية. ذلك أننا إذا ما استثنينا اليمن الذي يعاني مثلها لأسباب تخصّ تركيبته الداخلية وانكشافه على جواره الجغرافي المباشر والنزاع الإقليمي على النفوذ فيه، لوجدنا أنها تعيش وحدها صراعات ضارية تخرج إدارتها وشعاراتها عن حدود كلّ منها التُرابية، تماماً كما كانت تتخطّى شعارات حكّامها المطلَقين وسياساتهم الحدود إياها. المشترك بين حالات سوريا والعراق وليبيا بهذا المعنى، والمختلِف عن حالة اليمن، هو أثر إيديولوجيا الحكم الآفل في راهن كلّ منها، لجهة خطابه المدّعيِ مشاريع قومية، وطبيعته الشموليّة وتحويله الدولة الى مؤسسة قمعية كبرى هدفها تأبيد سلطة الحاكمين وعائلاتهم. أما الاقتصاد والإدارة والخدمات والديبلوماسية وسائر شؤون الدول عادة، فسُيّرت على هامش ما ورد ولخدمته حصراً، وتُرك لها أحياناً، وفق الظروف والمناخات، إبراز جدّيتها وفاعليّتها (كما في العراق في السبعينات) أو التراجع الى الحدّ الأدنى