Thursday, July 19, 2018

اتّفاقات الجنوب السوري والتباساته

نُشرت هذه الورقة على موقع "مركز الجزيرة للدراسات"، وهي قراءة في تطوّرات الوضع السوري في بداية صيف 2018. لتحميل الورقة بصيغة PDF، يمكن الضغط هنا.


ملخّص تنفيذي

رفع النظام السوري علَمه في ساحة مدينة درعا وفي عدد من ساحات مدن وبلدات محافظتها في 10 تموز/يوليو 2018، وأنهى بذلك مرحلةً من سيطرة المعارضة المسلّحة على أنحاء واسعة من جنوب البلاد حيث اندلعت الشرارة الأولى للثورة السورية في آذار/مارس 2011. جاء هذا بعد حملة عسكرية شنّتها قوات النظام بدعم ناريّ جوّي روسي كثيف بلغ حدوداً غير مسبوقة، وأدّى الى قبول المعارضة بشروط موسكو لوقف النار، ومن ضمنها عودة النظام عسكرياً ومدنياً الى المنطقة واستلامه معبر نصيب مع الأردن.

وإذا كان الأمر لا يشكّل سابقةً بعد حصول سيناريوهات مماثلة مؤخّراً في الغوطة الشرقية وفي جنوب العاصمة دمشق، فإن خصوصية درعا نظراً لموقعها القريب من مثلّث حدود استراتيجي أردني – عراقي – إسرائيلي، جعلت للتطوّرات فيها أهمّية تخطّت الحالة السورية، وطرحت أسئلة حول الاتفاقات والاتصالات بين موسكو وتل أبيب وعمّان وواشنطن، وحول نظرة طهران القلقة الى تلك الاتصالات وتداعيات الأمر على الخريطتين السياسية والعسكرية في سوريا.

ويمكن القول في خلاصة أوّلية، إن موسكو قدّمت ضمانات لتل أبيب وواشنطن حول الانتشار الإيراني – الحزب إلهي على مقربة من حدود الجولان المحتل، ولعمّان حول عدم تدفّق لاجئين جدد الى المملكة وفتح طريق دمشق-عمّان تجارياً. على أنه من غير المحسوم ولا المرجّح، أن تلتزم إيران بموجبات التعهّدات الروسية، ولو أن طهران تبدو حذرة في خطواتها السورية منذ الضربة الإسرائيلية الكبرى التي استهدفت قواعدها في 10 أيار/مايو 2018 عشية انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي معها.

بهذا، خسرت المعارضة السورية منطقةً هامة استراتيجياً ورمزياً. وظهر من جديد مدى ابتعاد واشنطن عن الاهتمام بالملف السوري وتراجع المتابعة الأوروبية والعربية له، وموت مسار جنيف الأممي رغم بعض تصريحات المسؤول عنه، ستيفان دي مستورا، العاجز عن العمل والمتمسّك رغم ذلك بوظيفته.