كثيرةٌ هي الأهوال التي سلّطها نظام الأسد على عموم
السوريّين على مدى عقود. ومخيفٌ مقدار العنف الذي أنزله بهم في السنوات السبع
الماضية. يكفي تعداد أسماء مدن وبلدات على مدى الخريطة السورية لاستذكار المجازر
التي نُفّذت فيها وحالات الحصار والتهجير والقتل بالبراميل أو بالغاز الكيماوي
التي أصابت أهلها.
وإذ ينبغي التذكير الدوري بالجرائم هذه لكي لا يطويها
النسيان وللبناء الحقوقي عليها يوماً ومنع الحصانة عن مرتكبيها، فإن التدقيق راهناً
في وقائع بعضها ومؤّدياته يُعين على تشريح فلسفة الحُكم الأسدي ومرامي عنفه سياسياً
ورمزياً.
النصّ التالي محاولة لفعل ذلك عبر التوقّف عند جريمتين
منظّمتين ومتماديتين يرتكبهما النظام ضمن الحيّز الجغرافي الذي يسيطر عليه، أي خارج
السياق الحربي والقصف عن بُعد. جريمتان هما التجسيد الأبلغ لشكل العلاقة التي
يريدها في تعامله مع "المواطنين": التعفيش والاستباحة من جهة، واعتقال
عشرات الألوف وقتل الآلاف منهم تعذيباً وإخفاء جثامينهم من جهة ثانية.