ليس بلا دلالات أن يتزامن انفجار بيروت مع انهيار لبنان الاقتصادي وتصدّع مجتمعه وانحدار حكّامه الى قعر غير مسبوق في تاريخه.
فالانفجار الناجم عن سنين من الفساد والإهمال والبحث عن صفقات أو عن توظيف عسكري لمادة نترات الأمونيوم المخزّنة في عنبر في مرفأ بيروت، في قلب العاصمة اللبنانية، بدا مآل ما تُفرزه إدارة طبقة سياسية ميليشياوية للشأن العام في بلد جرى تناهبه من داخل النظام الطائفي وشبكاته، على نحو أدّى الى تهتّك مؤسساته جميعها وإفلاسها وإفقار ناسه وحجز ما تبقىّ من أموال مواطنيه في المصارف الخاصة الشريكة في سياسات استدانةٍ وتوزيع مغانم وإنفاقٍ بلا وازع أو طائل.
والانفجار الفظيع هو أيضاً، مثله مثل مغارة كهرباء لبنان التي امتصّت على مدى ربع قرن أكثر من ثلاثين مليار دولار وظلّت مقطوعة عن الناس، ومثل قضية النفايات التي لم يتفّق أركان الحكم على تفاصيل المحاصصةِ إدارةً لجمعها فتُركت لتُرمى في البحر أو تُطمر في التربة، نتاج ترنّح فلسفة حكمٍ لم يعد من إمكانية حياة في ظلّها.