يزور زهران علّوش قائد
"جيش الإسلام" (أكبر الفصائل الإسلامية المسلّحة في الغوطة الشرقية
والمسيطِر سيطرةً كاملة على مدينة دوما قرب العاصمة السورية دمشق) مدينة إسطنبول
التركية. يعني الأمرُ أن الرجلَ نجح في الخروج من منطقة يحاصرها النظام الأسدي، وحضّر
زيارته ورتّبها مع السلطات التركية، أو لِنقُل إنها قد تكون من بادَر الى دعوته في
إطار ما يُحكى عن جهود إقليمية مُستجدّة، تركية وسعودية وقطرية، تهدف الى تقديم
دعم عسكري نوعي لبعض القوى المعارِضة السورية تسمح لها بتصعيد الضغط على قوات
الأسد وحُماته الإيرانيّين وعلى الميليشيات اللبنانية والعراقية والأفغانية
الداعمة له (في جبهات الجنوب ودمشق والقلمون وحلب بخاصة).
ما يهمّنا في هذه
العجالة هو أن زهران علّوش إياه متّهم من قبل قسم كبير من المعارضين السوريّين
بتجاوزات ومثالب كثيرة، أخطرها خطف رزان زيتونة وسميرة الخليل ووائل حمادة وناظم
حمادي في دوما في 9 كانون الأول 2013. وخطف هؤلاء "ليس سياسياً كأي خطف". فهو
استهدف أبرز المعارضين الديمقراطيين لنظام الأسد، وأبرز الموثّقين لجرائمه
وانتهاكاته، وأبرز العاملين في دوما على دعم المجتمع المحلّي وتأمين سبل صموده في
وجه سياسات الحصار والتجويع والتدمير التي يفرضها النظام الأسدي. كما أنه استهدف بشكل
خاص وجهين ورمزين نسائيّين إستثنائيّين: رزان زيتونة، المحامية الأكثر شجاعة في
سوريا والمدافعة عن حقوق الإنسان وعن حرية معتقلي الرأي، بمن فيهم المعتقلين
الإسلاميّين، منذ ما قبل الثورة بسنوات طويلة؛ وسميرة الخليل، المعتقلة السياسية السابقة
التي أمضت أعواماً في سجون الأسد الأب، والمجسّدة في سيرتها النزاهة وثبات
المعارضة للفاشية بمرحلتَيها الأسديّتين. وطبعاً لسميرة ورزان، كما لوائل المشارك
في الثورة والناشط المدني والمعتقل مرّتين في سجون الأسد وشريك رزان في حياتها
وكفاحها، ولناظم المحامي والشاعر والعضو المؤسس في "لجان التنسيق
المحلية" وفي "مركز توثيق الانتهاكات"، لهم جميعاً سمعة في سوريا
وخارجها وتراث من العمل والتحدّي المستمرّ للاستبداد سابق بعقدين (في حالة سميرة)
وبعقد (في حالة رزان ووائل وناظم) على سماع أحد بزهران علّوش.
المطلوب بالتالي من
السلطات التركية، وهي الأكثر دعماً حتى الآن للمعارضات السورية والموفّرة الشروط
الأفضل للنازحين السوريّين الى أراضيها مقارنةً بجميع دول العالم، والمطلوب من
المعنيّين بالملف السوري في الدول المساندة للمعارِضين، كما في الأجسام المعارِضة
إياها - وبعض مسؤوليها مقيمٌ في تركيا منذ زمن - السعي لفرض تحرير سميرة ورزان ووائل
وناظم، وتنبيه علوش وأضرابه الى أن هكذا خطف وهكذا سلوكيات تستقوي بالأسلحة
(المُقدّمة من الداعمين) على المدنيّين العزّل وعلى الناشطين الأكثر عراقة وصلابة
في مقارعة الأسد، إنما هي جرائم موصوفة "تصعب تغطيتها"، وتُوَرّط
الداعمين أنفسهم فيها.
العمل لتحرير سميرة
الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمّادي هو إذاً واجب اليوم أكثر من أي وقت
مضى، لأن خاطفهم أو المتّهم الأوّل في قضية خطفهم، موجود في اسطنبول. وبعض
المتواصلين معه هناك يدركون ذلك، وعدم ترجمة إدراكهم الى قول وفعل سيكون إدانةً -
لن تُمحى – لهم…
زياد ماجد