Tuesday, March 13, 2012

ذكرى 14 آذار السابعة

تعود ذكرى 14 آذار 2005 هذا العام وسط سبات لبناني أنتجه ثبات المشهد السياسي على انقسامه العامودي الحاد وارتباط معظم أطرافه بتوازنات خارجية لا فكاك لهم عنها ولا تأثير لهم فيها. وتعود أيضاً وفق نفس العناوين الداخلية للسنوات الست السابقة، وكأن الزمن لم يفعل فعله فيها بعد، لا في ما يخصّ الموقف من المحكمة الدولية المُنتظر انعقادها، ولا في ما يمسّ قضية السلاح واحتكار الدولة له، ولا في ما يرتبط بقوانين الانتخاب واللامركزية وإصلاحات القضاء والاقتصاد...

على أن الذكرى تعود هذه المرة في خضمّ ربيع عربي انطلق في تونس ومصر، وبلغ ليبيا والبحرين واليمن، وها هي براعمه تتفتّح منذ أشهر في سوريا حيث الملحمة تلامس حدود الأسطورة.


ويفيد في هذه المناسبة القول إن ما يُحكى عن علاقة تأسيسية بين ربيع بيروت الذي مثّل يوم 14 آذار ذروته وبين الربيع العربي الذي يصارع منذ عام في أكثر من بلد هو إسقاط غير علمي وادّعاء لا يحمل ما يبرّره، إذا ما استثنينا المشهد البهيّ لجموع الناس التي تحتلّ الساحات وتُعيد الى المدن أحد أهمّ أدوارها كمواقع فعل للسياسة والثقافة والتحوّل الاجتماعي.
ذلك أن الربيع البيروتي كان استقلالياً عن نظام سوري مُحتلّ متّهم بجرائم اغتيال، وكان بقيادة جزء أساسي من الطبقة السياسية التي حكمت قبل الاحتلال هذا وخلاله واستمرّت من بعده. وهي طبقة تملك مشروعية شعبية ولم يكن الحشد ال14 آذاري لينجح، بالشكل الذي خرج به، من دون استنفارها ومشاركتها.
أما الربيع العربي فهو مشهد اقتحام عزّل للسياسة وللحيّز العام من أجل التخلّص النهائي من الطبقة السياسية "الوطنية" المحتكِرة وأعوانُها الحكمَ والثروة، المستبدة في طول البلاد وعرضها، والمفتقدة قواعد إجتماعية خارج الأجهزة الأمنية والشبكات الزبائنية. وهو انتزاع للحق في الانتخاب وإنهاء الولايات الأبدية للرؤساء وإسقاط لقوانين الطوارئ بعد عقود على فرضها على المجتمعات. وهذه جميعها لم يعانِ منها لبنان في تاريخه.
والربيع البيروتي تحوّل الى صِدام داخلي تبدّلت فيه التحالفات أكثر من مرّة، وانكفأ عنه كثر من المواطنين، وانتهى الى استقطابين شعبِيّين، عكسا الى حدّ بعيد نفسيهما على المواقف ممّا يجري في المنطقة ثم من حالات الربيع العربي. أما الأخير، فيسير بسبل إنتخابية متعرّجة وشاقة تغيّر المشهد السابق وتؤسّس لمرحلة جديدة، ولو ببطء، في أكثر من بلد. فيما يستمر دمه غزيراً على مذبح الحرية في سوريا.

على هذا الأساس، يفيد لو يقلب اللبنانيون الذين يعتبرون ربيعهم (غير المكتمل) تأسيسياً لربيع العرب المعادلة، ويحاولون البحث عشية ذكرى 14 آذار السابعة عمّا يمكن أن يفيدهم في ما لو قرّروا استكمال محاولاتهم الربيعية، في فصل مقبل، والاستفادة من التجارب العربية...
وفي أي حال، كل 14 آذار ولبنان بملامحه التي خيّمت على ذلك الحشد المليوني بألف خير.
زياد ماجد