يحلّ 8 آذار، يوم المرأة العالمي، على المنطقة العربية
بعد خمسة أعوام من انطلاق ثوراتها محمّلاً بإنجازاتٍ وانكساراتٍ وتحدّيات. ويحلّ
على سوريا محمّلاً بآلام وتضحيات، تتشارك فيها نساءٌ في الداخل وفي المنافي كما في
البحار وعلى الحدود.
نساءٌ يدفعن أثماناً مضاعفةً للقمع والتعذيب والتهجير
والاستبداد على أشكاله وأحواله المختلفة. ونساءٌ يقاومن بضراوة تلك الأثمان ويحاولن
الاستمرار كتابةً أو موقفاً أو عملاً وتأسيساً لمبادرات وتسجيلاً لشهادات.
ومن بينهنّ، ثمة نساءٌ غيّبهنّ الخطف والاعتقال منذ مدّة.
نساءٌ دافعن عن حقوق الانسان، أو قضين في مراحل سابقة سنوات في السجون لتمرّدهنّ
على الظلم والصمت، أو أسّسن بعد العام 2011 لجاناً لتنظيم المظاهرات والأنشطة
التضامنية ومراكز لتوثيق الانتهاكات ومواجهتها، حمايةً للذاكرة وحقوق الضحايا
وإسقاطاً لحصانات القتَلة. دوّنّ يوميّاتٍ وحاورن نساء أخريات وحمَينَ ذاكرة أمكنةٍ
وناسها رغم القصف والحصار والقتل اليومي.
من بين هؤلاء، وهنّ كثر على مدى الخريطة السورية، يبرز
اسما رزان زيتونة وسميرة الخليل اللتان اختُطفتا في 9 كانون الأول 2013 من مكان
إقامتهما وعملهما في دوما في الغوطة الشرقية لدمشق. إمرأتان من بين أكثر من 9 آلاف
امرأة مخطوفة أو معتقلة أو مخفيّة قصراً في سوريا. امرأتان تختصران، في سيرتهما
وشجاعتهما ومقاومتهما القهر والضيم، سيَر أخواتهما القابعات خلف الزنازين وفي عتمة
الأقبية. وامرأتان تمثّلان كما الكثير من رفيقاتهما أنبل ما في الثورة السورية
وأكثر ما فيها قرباً الى شعارات الحرّية والكرامة والمساواة. لكنّهما، وعلى العكس
من أكثرية الرفيقات والأخوات المسجونات والمعتقلات، لم تُختطفا في المناطق التي
يسيطر عليها النظام، عدوّهما وعدوّ قيَمهما الأوّل والمسؤول عن اختطاف أكثر من 80
في المئة من النساء السوريات المختفيات. ولم تُختطفا في مناطق احتلال
"داعش" حيث البربرية ذات قابليّة لمنافسة بربرية النظام. بل اختُطفتا في
مناطق آمنتا القوى المسيطرة فيها على نفسيهما وعلى أحبّتهما، فلم يكن حماتها أهل
ثقة ومسؤولية ووفاء.
في 8 آذار، لا نستذكر رزان وسميرة وسائر النساء السوريات
المُعتقلات والمُختطفات فحسب، بل نستذكر أيضاً ما تمثّلنه وما تحملنه من مبادئ
وقيَم، هي ما يمنح هذا اليوم معناه الفعلي، ويجعله يوماً للاحتفال به حول العالم.
لِسميرة ورزان، وللتسعة آلاف امرأة سورية (وفلسطينية
سورية) بأسمائهنّ ووجوههنّ وتفاصيل حياتهنّ، السلام والورود وعدالة الحرّية.
زياد ماجد