رغم مرور عام على بدء حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في غزة، غير المسبوقة التوحّش في العالم منذ فظاعات النازية قبل سبعين عاماً، ورغم اشتداد الحرب الإسرائيلية على لبنان وارتكاب تل أبيب جرائم الحرب الدورية فيه، بموازاة حربها التوسّعية الهادفة الى ضمّ الضفة الغربية المحتلة (وهذا هدفها الأول اليوم ومنذ سنوات)، ما زال المشهد السياسي والثقافي العربي يخضع لسطوة نفس المقولات، وبعضها في الأصل متداول ومكرّر منذ عقود.
فمن ناحية، ثمة خطابات مجترّة لا تغيّر فيها
المآسي والتدمير وسقوط عشرات ألوف الضحايا وتشريد الملايين. ويبدو في مقولاتها أن
"محور الممانعة" يسجّل الانتصارات الواحد تلو الآخر، وأن الاقتصاد
الإسرائيلي على مقربة من الانهيار، ومثله الكثير من مؤسسات الدولة المعادية.
وثمة من ناحية ثانية خطابات مضادة، جلّها متوقّعة قراءته عند كل حرب أو حدث جلل، تعدّ الإشارة الى توحّش إسرائيل بداهة لا يفيد الركون إليها أو تكرار ذكرها، وترى في المقابل أن المسألة تكمن في أدوار قوى مثل حماس وحزب الله التي "تستدرج العدوان" وتتحمّل مسؤولية تبعاته، داعية الى تسليط الضوء على أعطاب المجتمعات العربية وهشاشة دولها.