يحلّ "اليوم العالمي للمرأة" في منطقتنا العربية هذه السنة، في ظروف لم نشهد لها مثيلاً منذ عقود طويلة. ظروف تحوّلات اجتماعية وسياسية كبيرة، وظروف إسقاط منظومات استبداد وفساد ورقابة. كما يحلّ وسط استمرار تحرّك مئات الألوف من المواطنين والمواطنات في أكثر من دولة من أجل انتزاع حريّتهم أو استرداد كامل حقوقهم المنهوبة.
ولعلّه يفيد التوقّف في هذه الظروف بالتحديد عند واقع النساء عربياً وعند مشاركتهن الكبيرة في ما يجري من انتفاضات وتحرّكات، وفضلهنّ عليه، وما ينبغي في المقابل ألا يفوت من فرص تبديل في أوضاعهن (تشريعيّاً بدايةً) في ظل المنعطف التاريخي الذي نعيش، وما فيه من ديناميات جديدة واحتمالات إصلاح سياسي وبروز نخب شبابية مدينيّة منفتحة على العالم وعلى وسائل الاتصال والتواصل الحديثة.
ومما يجدر التوقف عنده مثلاً، والبحث فيه:
- قوانين الجنسية وحقوق النساء في منحها لأزواجهن ولأولادهن احتراماً لمواطنيتهنّ وإقراراً بمساواتهنّ والرجال فيها.
- قوانين الأسرة ووجوب تغيير المجحف منها بحق المرأة في مجالات الأحوال الشخصية وكفالة الأبناء والبنات.
- قوانين التعويضات الاجتماعية ونهاية الخدمة والتعطّل عن العمل، وتعديلها على نحو لا يميّز بين المستخدمين والمستخدمات.
- قوانين العقوبات، وضرورة أن يُحذف منها كل ما يمتّ بصلة الى ما يسمّى "جرائم شرف" أو "شروطاً تخفيفية" يستفيد منها بعض المجرمين إن اعتدوا على نساء.
- قوانين تجريم العنف الأُسري وضرورة تطويرها وتعميمها وفرض احترامها.
كما أن صياغة قوانين انتخاب جديدة في أكثر من بلد تتيح الفرصة للتركيز على أهمية التمثيل النسبي (أقلّه في المراحل الانتقالية) وما ينجم عنه من قدرة إيصال نخب من خارج الأطر التقليدية الى المجالس المنتخبة، من دون نسيان "الكوتا النسائية" الكفيلة بتأمين انتخاب عدد من المرشحات لتعويد الناخبين والناخبات على حضور النساء في المواقع القيادية، على نحو يُسهم مع الوقت في تبديل الصور والمفاهيم النمطية تجاههنّ (بمعزل عن المقولة الرافضة تمييز النساء إيجابياً بحجة الحرص على مشروعيّتهن "النوعية" – وكأن "النوعية" شرط عليهن في حين أن لا مشكلة حول كفاءة الرجال أو "نوعيتهم")...
إن اللحظة الراهنة في المنطقة العربية نتيجة الحراك الشعبي - الشبابي المتواصل منذ ثورتي تونس ومصر، ونتيجة هدم جدران الخوف التي حمت الحكّام وأنظمتهم طويلاً، هي لحظة استثمار قصوى للأفكار الإصلاحية، ومن بينها تلك المتعلقة بقضايا المرأة... وهي لحظة تأسيس لمنازلات ديمقراطية واستكشاف لموازين القوى داخل المجتمعات بين البُنى التقليدية والأحزاب السياسية والحركات الإسلامية والتيارات العلمانية والنخب العسكرية والهيئات المدنية الصاعدة مع مخاض التغيير، لكي تُبنى وفقها الحسابات لاحقاً. وهي لحظة إن فاتت، صار من الأصعب لاحقاً، البحث في ما جرى إغفاله خلالها، لعدة أسباب ليس الخوض في المسارات السياسية والاقتصادية المعقّدة والتحضير للانتخابات وإدارة السلطة ونسج التحالفات (والتنازلات) سوى بعض منها...
زياد ماجد
في يوم المرأة أيضاً، نص لنادية عيساوي حول تيارات الحركة النسوية عالمياً: