تدخل المظاهرات المناهضة للنظام في إيران أسبوعها الخامس، وتصدح فيها هتافات "الموت للدكتاتور" المعطوفة على الشعار الأثير "المرأة، الحياة، الحرّية". وإذا كان زخم هذه المظاهرات قد تراجع بعض الشيء نتيجة القمع والعمليات الأمنية التي اتّخذتها السلطات، فإن جذرية شعاراتها واتّساع نطاقها وأعمار المشاركات والمشاركين فيها وبلوغها المدارس المتوسطة والثانوية، وليس فقط المنشآت الجامعية، يُشير الى صعوبة مهمّة ضبطها والى استحالة استرضائها بإجراءات إصلاحية تجميلية أو بمعاقبة بعض المسؤولين عن التوقيفات والقتل أو بالاعتذار عن "العنف غير المسؤول".
Sunday, October 16, 2022
Sunday, October 2, 2022
اللاجئون السوريون كرهائن للصراع وللتطبيع
ليس من المبالغة القول إن مأساة التشرّد واللجوء السوري تمثّل الكارثة الحربية-الإنسانية ذات الأثر السياسي الأعمق عالمياً في العقود الثلاثة الأخيرة.
ذلك أنه إضافة الى حجم الديموغرافيا المعنيّة
المقدّرة اليوم، مع التزايد الطبيعي للاجئين، بأكثر من سبعة ملايين شخص، وإضافة
الى تبعات الأمر الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللاحقة عليهم وعلى مجتمعات
اللجوء، فإن التداعيات السياسية لوصولهم الى بلدان عديدة، لا سيّما في أوروبا، شكّلت
مادة إعلامية وسردية سياسية مكّنت اليمين المتطرّف من بثّ الخوف من هؤلاء " الوافدين
"، وحصْدِ أصوات إنتخابية واحتلال منابر سياسية لم يكن ليجد إليها سبيلاً في
ظروف مختلفة.
وحتى في دول الجوار السوري، حيث يتواجد قرابة الستة ملايين لاجئ، فإن العداء للاجئين برز منذ البداية كخشبة خلاص للنخب السياسية المحلية المأزومة، وأخذ في التوسّع مع مرور الوقت واستعصاء الحلّ سوريّاً، خاصة في لبنان ومؤخّراً في تركيا، ليصبح أداة حشد وتعنيف وتحريض بلغ حدود التهديد بترحيل اللاجئين نحو بلادهم المنكوبة.
ولعلّ استعراضاً سريعاً لمراحل اللجوء وجغرافيته وما رافقه يفيد لاستذكار مجريات الحقبة الأخيرة واستخلاص بعض الأمور المرتبطة بالسائد من مقولات ومزاعم.
مقابر الغرباء
يتعاظم حضور الموت من حولنا كلّ فترة، فتنتشر
النعوات على وسائل التواصل الاجتماعي ومعها التعازي وعبارات الألم والمواساة المرافِقة،
بما يُنهي، سورياً وفلسطينياً (أو عراقياً ويمنيّاً) ولبنانياً على الأقل، كلّ
فارق بين ما كان يُسمّى "عالم الافتراض" والواقع ويُزيل الحدود بين الموت
كشأن خاص وكخبر عام، فيدعونا يومياً لنكون شهوداً على ذلك. إذ كيف للموت أن يبقى
افتراضياً حين يُنبئ بنهايات فعلية ويُعلن قسوة فقدان حقيقي؟ وكيف للمشهديّة
الموثِّقة وقوعَه أن تُبقي حدوداً بين عوالم خاصة وعامة اخترقتها صوَر الموتى وأسى
ذويهم، وواحدنا يراهم على الشاشة الثابتة وعلى الهاتف الجوّال كل يوم؟
الأدهى والأكثر فظاعة هي أحداث هذا الموت المُعلن والمُباحة تفاصيلُه إذ تُفني أفراداً أو جماعات أو تلتهم أناساً ضافت بهم السبل في بلادهم ولفَظهم القتل والقمع والعوَز، فتاهوا في بحر أو في أرض قاسية أو وصلوا منفىً لم تحُل احتمالاته ووعوده دون لوعة الغياب ووِحشة القبر.